عاجل

ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟ .. الإفتاء توضح

القاء السلام
القاء السلام

أكدت دار الإفتاء المصرية أن إلقاء السلام على من يقرأ القرآن أمرٌ جائز، وقد اختلف العلماء فيه بين القول بالكراهة والقول بالاستحباب، وبذلك يكون للمسلم أن يسلِّم على القارئ أو يترك السلام، دون أن يترتب على فعله أو تركه إثم أو حرج، ولا يصح لأحد أن يُنكر عليه في ذلك. والأَوْلى أن تُراعى حال القارئ؛ فإن كان مشغولًا بالتدبر والترتيل، وكان ترك السلام لا يضايقه، فالأفضل أن يُترك السلام عليه. أما إذا لم يكن في حال استغراق في القراءة، أو كان يَحزن لعدم السلام عليه، فالمستحب في هذه الحالة أن يُلقى عليه السلام

فضل إلقاء السلام وثمرته

السلام تحية ربانية عظيمة، امتن الله بها على المسلمين وأمرهم بإفشائها، فقال سبحانه: ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور: 61].
وقد سُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أي الإسلام أفضل؟ فقال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتُقْرِئُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» متفق عليه.
فالسلام من أسباب نشر المودة وبناء جسور الألفة بين المسلمين؛ إذ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رواه مسلم.

حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن

أجمع الفقهاء على أن ابتداء السلام سُنَّة مؤكدة. قال ابن حزم: اتفقوا على أن المسلم إذا مرَّ بأخيه المسلم أن يقول: السلام عليكم. وقال القرطبي: أجمع العلماء على أن ابتداء السلام مندوب مرغّب فيه.

لكن جمهور الفقهاء – ومنهم الحنفية وكثير من المالكية وبعض الشافعية والحنابلة – ذكروا أن هناك مواضع يُكره فيها السلام، مراعاةً لانشغال المسلم بحيث لا يتمكن من ردّه، ومن ذلك السلام على من يقرأ القرآن؛ لأنه يكون حينها عاجزًا عن الرد.
فقد قال ابن نجيم: يُكره السلام على المصلي، والقارئ، ومن هو مشتغل بالقضاء أو الفقه. وذكر ابن عابدين: السلام على من لا يقدر على الرد شرعًا كالمصلي أو قارئ القرآن مكروه. وجاء في كتب المالكية – كـ”المدخل” و”المسائل الملقوطة” – التنصيص على كراهة السلام على القارئ. ونقل النووي عن الواحدي من الشافعية أن الأولى ترك السلام على قارئ القرآن، وأكد الأذرعي أن من استغرق في التدبر أولى بالكراهة من غيره. وذهب الحنابلة أيضًا إلى كراهة السلام على القارئ والذاكر ونحوهم.

مذهب المالكية والشافعية في المعتمد

على الجانب الآخر، ذهب المعتمد عند المالكية وجمهور الشافعية إلى أنه لا كراهة في السلام على قارئ القرآن، بل يبقى على أصله من الاستحباب كسائر المسلمين. قال الدردير المالكي: لا يكره السلام على القارئ. وقال النووي: يستحب لمن مرّ بالقارئ أن يسلم عليه. وصرح الرملي بأن السلام يندب على القارئ حتى مع انشغاله بالتدبر.

يتبين أن الأمر واسع، فمن سلّم على قارئ القرآن فلا حرج، ومن ترك السلام فلا إثم عليه، ولا يجوز لأحد أن يُنكر على الآخر في ذلك، لأن القاعدة الفقهية تقرر: لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المجمع عليه.
والأَوْلى مراعاة حال القارئ: فإن كان غارقًا في التلاوة والتدبر ولا يتأذى بترك السلام، فتركه أفضل، أما إذا لم يكن كذلك، أو كان يتألم من عدم السلام عليه، فالمستحب أن يُلقى عليه السلام.

تم نسخ الرابط