عاجل

ما حكم السير المخالف في الطرق العامة؟.. الإفتاء توضح

قواعد المرور
قواعد المرور

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز السير عكس الاتجاه أو بالمخالفة لقواعد المرور في الطرق العامة؛ لما يسببه ذلك من أخطار على الأرواح والممتلكات، ومن يقدم على هذا التصرف يكون مسؤولًا عما يترتب عليه من أضرار، ويلزمه الضمان وفق ما تحدده الجهات القضائية المعنية.

وتؤكد الدار على ضرورة التزام المواطنين بالقوانين والتعليمات المرورية الصادرة عن الجهات المختصة، حفاظًا على الأرواح والممتلكات، وضمانًا لسلامة الجميع

الضوابط الشرعية للمرور في الطريق العام

اهتمت الشريعة الإسلامية بتنظيم حركة الناس في الطرق العامة؛ حفاظًا على سلامتهم وحمايةً لأرواحهم وأموالهم، فجعلت الأصل في ذلك قاعدة «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام أحمد. ومن هذا المنطلق قرر الفقهاء أن المرور في الطريق العام مباح بشرط ألّا يترتب عليه ضرر يخل بحق الآخرين في الانتفاع به.

قال شيخي زاده في مجمع الأنهر : “المرور في طرق المسلمين مباح مقيد بالسلامة؛ لأن الطريق حق مشترك بين الناس”، وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج : “الانتفاع بالطريق مشروط بسلامة العاقبة”.
وقد جرى على ذلك قانون المرور المصري رقم 66 لسنة 1973م، حيث نصت مادته الأولى على أن استعمال الطريق العام يجب أن يكون بما لا يعرّض الأرواح أو الأموال للخطر، ولا يؤدي إلى تعطيل أو عرقلة الغير عن استخدامه.

والسبب في اشتراط السلامة أن الطرق العامة حق مشترك بين جميع الناس؛ فالشخص حين يسير فيها إنما يتصرف في حقه من وجه وفي حق غيره من وجه آخر، ومن ثم قُيّد حقه بشرط السلامة دفعًا للضرر، عملًا بالقاعدة الشرعية.

خطورة مخالفة قواعد السير وأثرها على المجتمع

مع تطور وسائل النقل، وضعت الدول أنظمة وقوانين لتنظيم المرور بما يحمي الناس من الحوادث ويصون الأرواح والأموال، ومن ذلك تخصيص مسارات محددة لكل اتجاه، وتجريم السير عكس الاتجاه كما نصت المادة 76 من قانون المرور المصري. وهذه القوانين من قبيل “المصالح المرسلة” التي أقرها الشرع، وهي ملزمة شرعًا؛ إذ طاعة ولي الأمر في مثل هذه الأمور واجبة.

قال ابن عابدين في رد المحتار  “أمر السلطان يُتبع ولا تجوز مخالفته”، وقال العدوي في حاشيته : “تجب طاعة الإمام في كل ما يأمر به”، وقال النووي في روضة الطالبين :“تجب طاعة الإمام في أمره ونهيه”، ونقل في شرح مسلم  الإجماع على ذلك ما لم يكن في معصية.

كما أن السير المخالف فيه إيذاء للناس في طرقاتهم، وقد ورد التحذير منه في الحديث الذي رواه الطبراني: «من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم». وقال الصنعاني في التنوير  “أي نوع من أنواع الأذى داخل في هذا الوعيد”. بل وصف القرآن عباد الرحمن بأنهم يسيرون على الأرض بسكينة من غير أن يسببوا أذى للآخرين، قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: 63].

المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن مخالفة المرور

وبناءً على ما سبق: فإن السير في الطرق العامة جائز بشرط الالتزام بقواعد السلامة التي تضعها الجهات المختصة، فإذا خالف المرء هذه القواعد وتسبب في ضرر، كان ضامنًا لما ترتب على فعله، خاصة إذا كان الضرر مما يمكن تجنبه.

قال السرخسي في المبسوط : “السوق والقود في الطريق مباح بشرط السلامة، فإن ترتب تلف يمكن التحرز عنه كان السائق ضامنًا”، وقال ابن جزي في القوانين الفقهية : “من فعل ما يجوز له فعله، فتولد منه تلف بغير قصد، لا يضمن، أما إن تجاوز الحد أو قصر فيه فضَمِن”. وقال النووي في المجموع : “يجوز له الانتفاع بالمباح بشرط السلامة، فإن أدى إلى التلف ضمن”.

تم نسخ الرابط