هل يجب على المرأة أن تغتسل من الجنابة إذا نزل عليها الحيض؟

إذا أصاب المرأة الحيض وهي على جنابة، فلا يلزمها أن تغتسل مباشرة، بل تنتظر حتى ينقطع دم الحيض أو تبلغ أكثر مدته شرعًا، وهي خمسة عشر يومًا على القول المفتى به، ثم يكون غسل واحد كافيًا، تنوي به الطهارة من الحيض والجنابة معًا، أو من أحدهما فيجزئها.
كيفية اغتسال المرأة من الجنابة إذا نزل عليها الحيض
الغُسل يجب على المرأة في حالتين أساسيتين: الجنابة والحيض، كما نص الفقهاء؛ قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية (ص: 23): “موجبات الغسل هي: الجنابة، الدخول في الإسلام، وانقطاع دم الحيض والنفاس”.
فإذا أصاب المرأة الحيض وهي جُنب، فلا يلزمها أن تغتسل من الجنابة فورًا، بل تنتظر حتى ينقطع دم الحيض أو تبلغ أكثر مدته شرعًا (خمسة عشر يومًا على القول المفتى به)، ثم تغتسل غسلًا واحدًا يُجزئها عن الحيض والجنابة معًا. والسبب في ذلك أن الغسل مطلوب لأداء العبادات مثل الصلاة، والحيض مانع من هذه العبادات، فلا تتحقق الفائدة من الغسل قبل الطهر.
وقد جاء في الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني : “سُئل عن المرأة تصيبها الجنابة ثم تحيض قبل أن تغتسل؟ قال: إن شاءت اغتسلت، وإن شاءت أخرت الغسل حتى تطهر”.
وفي المدونة : “قال مالك: المرأة إذا أصابتها الجنابة ثم حاضت، لا غسل عليها حتى تطهر”.
وقال النووي في المجموع : “لا يصح غسلها عن الجنابة حال الحيض؛ لعدم فائدته، إلا في وجه ضعيف”.
أما ابن قدامة في المغني فقال: “إذا كانت الحائض عليها جنابة، فلا تغتسل حتى ينقطع دمها، لكن إن اغتسلت صح غسلها وزالت الجنابة، ويبقى حكم الحيض حتى يزول”.
الغسل الواحد يكفي عن أكثر من موجب
أجمع الفقهاء على أن الغسل لا يتكرر بتعدد أسبابه؛ فلو اجتمع على المرأة أكثر من موجب، كحيض مع جنابة، أو تعدد الجماع، أو التقاء الختانين مع إنزال، أجزأها غسل واحد بنية رفع الحدث أو استباحة ما مُنعت منه.
قال الحصكفي الحنفي في الدر المختار : “يكفي غسل واحد لعيد وجمعة اجتمعا مع جنابة، كما يكفي عن فرضي جنابة وحيض”.
وقال ابن القصار المالكي في عيون الأدلة : “الأحداث إذا اجتمعت وكان موجبها واحدًا كفى عنها غسل واحد”.
وفي المجموع للنووي: “إذا تعددت أسباب الغسل كفى غسل واحد بالإجماع”.
وقال ابن قدامة في المغني : “إذا اجتمع سببان يوجبان الغسل كحيض وجنابة، ونواهما بغسل واحد أجزأ عنهما”.
حكم نسيان نية رفع الجنابة عند غسل الحيض
إذا اغتسلت المرأة من الحيض ونوت رفع الحيض فقط دون نية رفع الجنابة، أو العكس، فإن غسلها صحيح ويجزئ عن الأمرين معًا، سواء كانت متذكرة أو غافلة عن النية الأخرى؛ وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
قال الدردير المالكي في الشرح الكبير : “إن نوت الحيض أو الجنابة فقط، حصلا معًا ولو نسيت الآخر”.
وقال النووي في المجموع : “لو كان على المرأة غسل جنابة وحيض، فنوت أحدهما صح غسلها وحصل الاثنان بلا خلاف”.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: “إن اجتمعت أحداث توجب الغسل، ونوى بأحدها ارتفع الجميع، وهو المذهب”.