عاجل

أشرف بهلوي.. الأميرة التي هزت عرش إيران من خلف الكواليس

أشرف بهلوي
أشرف بهلوي

جريئة، حادة الذكاء، ومحاطة بهالة من الغموض السياسي، هكذا رسم التاريخ صورة أشرف بهلوي، الأميرة والشقيقة التوأم لشاه إيران محمد رضا بهلوي، بعد أكثر من عقد على وفاتها، لا تزال قصتها تروى بين سطور الوثائق السرية ومذكرات المنفى، كأحد أكثر الأدوار النسائية إثارةً للجدل في تاريخ إيران الحديث.

وبين من يرون فيها امرأة كان من الأنسب أن تحكم إيران بدلاً من شقيقها، وبين من يتهمونها بالعمل مع عدة أجهزة مخابرات عالمية، تبقى أشرف شخصية يصعب تصنيفها ضمن قالب واحد.

من أميرة إلى “النمر الأسود الإيراني”

تعد أشرف مواليد عام 1919، وبرزت مبكرًا في الأوساط السياسية كصوت نافذ داخل القصر الملكي. بشخصيتها القوية وقدرتها على المناورة، لعبت دورًا يتجاوز ما هو متاح عادةً للنساء في محيطها، مما دفع الصحافة الأوروبية لوصفها بـ"القوة الخفية خلف العرش" و"النمر الأسود الإيراني".

في مذكراتها "وجوه في مرآة .. مذكرات من المنفى"، تقول الأميرة الإيرانية: "كانت الشائعات تلاحقني من كل اتجاه  من فضائح عاطفية إلى تهم بالاغتيال والتجسس حتى أن بعضها لم يخلُ من طرافة عبثية".

أشرف بهلوي
أشرف بهلوي

بطلة“العملية أياكس” المثيرة للجدل

خلال أزمة حكومة محمد مصدق في أوائل خمسينيات القرن الماضي، وصلت أشرف إلى ذروة نفوذها. أُبعدت من البلاد بأمر من مصدق في عام 1952 بعد احتجاجات مناهضة للحكومة، لكنه لم يتخلص من نفوذها، حيث يرى العديد من المؤرخين أنها كانت العقل المحرك وراء "العملية أياكس" وهو الانقلاب الذي دعمته واشنطن ولندن لإطاحة مصدق وإعادة تنصيب شقيقها على العرش.

ووفقًا لتقارير استخباراتية أمريكية نشرت لاحقًا، كان لها دور حاسم في إعادة الشاه إلى سدة الحكم، بعد أن فشلت محاولات وكالة الاستخبارات الأمريكية في إقناعه بالمشاركة، واستخدمت نفوذها العائلي لنقل الرسائل وتأمين الاتفاق.

أما هي، فتسرد القصة بنبرة وطنية في مذكراتها: "عدت إلى طهران سراً لأنني كنت مقتنعة أن الشيوعيين على وشك ابتلاع إيران... لم أقبل المال، فقط أردت إنقاذ وطني".

لكن روايات أخرى، ككتاب "كل رجال الشاه" للمؤرخ ستيفن كينزر، ترسم صورة مختلفة، وتدعي أن موافقتها جاءت بعد أن أُغريت بمعطف من فرو المنك ومبلغ مالي كبير.

رفضها القاطع للحجاب

لم تتوقف مسيرة أشرف عند حدود إيران، فبعد الثورة عام 1979، استقرت في باريس ونيويورك، حيث شغلت مناصب بارزة داخل منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك رئاسة لجنة حقوق الإنسان.

وعرف عنها دعمها الصريح لحقوق المرأة، ومعارضتها القوية للحجاب، واعتبرته رمزًا لـ"الرجعية"، وساندت قوانين رفعت سن الزواج ومنحت المرأة الإيرانية حقوقًا في الطلاق والتعليم والعمل.

ورغم ذلك، كانت تعلم أن دورها الاستثنائي جعلها هدفاً دائماً للتشهير، كتبت: "اتهموني بكل شيء: التهريب، الفساد، الارتباط بالمافيا، والعمل لحساب جميع أجهزة الاستخبارات... لكن لا أحد نظر في حقيقة أن معظم هذه الاتهامات كانت تفتقر للدليل".

أميرات إيران منهم أشرف بهلوي
أميرات إيران منهم أشرف بهلوي

حياة مترفة… لكن ثروتها محل جدل

عرفت أشرف بنمط حياة فاخر في باريس وموناكو والريفييرا الفرنسية من حفلات، ومجوهرات، وقصور، وصفقات تجارية، ليرى البعض في ذلك استغلالاً لمكانتها السياسية، بينما ردت هي في مذكراتها: "كل ما أملكه ورثته من عائلتي أو جاء نتيجة استثمارات ذكية... لم أسرق أحدًا".

رغم تراجع حضورها العلني في السنوات الأخيرة من حياتها، ظلت مصدر جذب للإعلام، سواء بسبب نمط حياتها أو دورها السياسي في الماضي.

مأساة شخصية… وسنوات أخيرة صامتة

عانت أشرف من سلسلة مآسٍ في حياتها: اغتيال ابنها شهريار في باريس بعد الثورة، وفاة شقيقها التوأم الشاه إثر مرض السرطان، وانتحار أقارب آخرين. في مذكراتها، كتبت: "لو لم أكن قد تحجّرت من كثرة الصدمات، لربما دمرتني تلك الأخبار".

وفاة أشرف بهلوي

توفيت في إمارة موناكو في يناير 2016 عن 96 عامًا، بعد صراع طويل مع مرض الزهايمر، تاركة وراءها إرثًا يصعب فصله عن تاريخ إيران الحديث، وعلامة استفهام كبيرة حول مدى تأثيرها في أكبر الانعطافات السياسية التي عرفها بلدها.

وكانت أشرف بهلوي امرأة عاشت حياة نادرة بين السياسة والمخابرات والترف، فدخلت كتب التاريخ، لا كـ"ظل شاه إيران"، بل كلاعبة رئيسية في مصير أمة.

تم نسخ الرابط