محلل فلسطيني: بيان الخارجية المصرية حول العملية البرية يحمل تحذيرا لإسرائيل

قال الدكتور سعيد محمد أبو رحمة، المحلل السياسي الفلسطيني، إن البيان الصادر عن وزارة الخارجية والهجرة والذي أدان العملية البرية الإسرائيلية في مدينة غزة، يمثل تحولًا لافتًا في الخطاب السياسي المصري ويعكس تصعيدًا واضحًا في موقف القاهرة من العدوان المستمر.
وقال الدكتور سعيد أبو رحمة في تصريح خاص لموقع نيوز رووم، إن صدور البيان في هذا التوقيت تحديدًا، بعد إعلان إسرائيل دخول عمليتها العسكرية مرحلة "نهائية"، يشير إلى أن مصر ترى في هذه المرحلة تصعيدًا خطيرًا يقترب من تجاوز الخطوط الحمراء، خاصة في ظل التقارير المتواترة عن انهيار القطاع الصحي، وازدياد أعداد الضحايا المدنيين، وتصاعد التهديدات بالتهجير القسري.
وأشار أبو رحمة إلى أن البيان استخدم لغة أقوى من المعتاد في البيانات الدبلوماسية المصرية، حيث وردت فيه مصطلحات مثل: تصعيد خطير، انتهاك صارخ للقانون الدولي، سياسة ممنهجة، جرائم إبادة، وهي تعبيرات حقوقية وسياسية ثقيلة لا تستخدمها مصر عادة بهذا القدر من الوضوح.
وأكد أبو رحمة أن هذا التحول يعكس تصاعد الغضب الرسمي المصري من إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بمخاطر التهجير القسري الذي تعتبره مصر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، مضيفاً أن التأكيد المصري على رفض سياسة التطهير العرقي والتهجير الجماعي للفلسطينيين يعد رسالة حازمة لإسرائيل والمجتمع الدولي بأن الصمت المصري قد لا يستمر، لا سيما إذا تجاوزت إسرائيل الخط الأحمر بمحاولة فرض تغيير ديموغرافي في القطاع.
كما لفت إلى أن البيان حمل إسرائيل ضمنيًا المسؤولية عن شلل النظام الدولي، مع توجيه انتقاد مباشر لضعف الموقف الأمريكي والغربي تجاه جرائم الإبادة وهو ما يعد سابقة في الخطاب الدبلوماسي المصري بهذا الوضوح.
واعتبر أبو رحمة أن التحذير من "فوضى شاملة وشيكة" يفهم كمحاولة مصرية للضغط على المجتمع الدولي، لا سيما الدول الفاعلة، للتدخل لوقف الكارثة الإنسانية في غزة، محذرًا من أن الاستمرار في الصمت قد يفتح الباب أمام انهيار أوسع في الإقليم.
وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني أن استخدام مصطلحات مثل "سيادة القانون، وجرائم إبادة، وأحكام القانون الإنساني"، يأتي في سياق محاولة مصرية لـ:
تمهيد الأرضية لتدويل الموقف،
تحريك آليات مساءلة قانونية محتملة في المستقبل،
وإعادة توصيف ما يجري في غزة ليس كـ"نزاع مسلح"، بل كجريمة ضد الإنسانية.
أبو رحمة: مصر تدرك أن إسرائيل تهيئ غزة بيئة طاردة للفلسطينيين
وفيما لم يشر البيان صراحة إلى "التهجير"، يرى أبو رحمة أن الإشارة إلى التدمير الممنهج وتجويع السكان والقتل البطيء تعكس إدراكًا مصريًا بأن إسرائيل تهيئ بيئة طاردة للفلسطينيين في القطاع، وهو ما تعتبره مصر تهديدًا استراتيجيًا لا يمكن تجاهله.
وأكد المحلل السياسي الفلسطيني أن بيان الخارجية المصرية يعد من أشد البيانات الرسمية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، مشيرًا إلى أنه يعكس تحولًا استراتيجيًا في الموقف المصري من وساطة تحفظية إلى موقف نقدي حاد، ومن حياد نسبي إلى خطاب سياسي متقدم، ومن ضغط خلف الكواليس إلى دبلوماسية علنية تحذيرية.
واختتم الدكتور سعيد محمد أبو رحمة حديثه بالقول إن هذا البيان قد يكون تمهيدًا إما لتصعيد سياسي مصري في المحافل الدولية، أو لإعادة تقييم مصر لدورها بالكامل في ملف غزة إذا استمر العدوان الإسرائيلي بهذه الوتيرة والتوجهات.