00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

ما حكم تشريح جسد الميت بعد وفاته؟ .. دار الإفتاء توضح الضوابط

التشريح
التشريح

أوضحت دار الإفتاء أن تشريح جسد الميت  بعد وفاته سواء كان ذلك لصالح مصلحة الطب الشرعي أو لصالح العملية التعليمية بكليات الطب جائزٌ شرعًا إذا ما روعيت فيه بعض الشروط الشرعيَّة والتي منها: أن يكونَ هذا العمل في حدود الضرورة القصوى التي يقدرها الأطباء الثقات بمعنى أنه إذا كانت جثة واحدة تكفي لتعليم الطلاب، فلا يصح أن يتعدى ذلك إلى جثة أخرى، وأن يكون صاحب الجثة قد تحقق موته موتًا شرعيًّا وذلك بالمفارقة التامة للحياة، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي؛ لأنه لا يعد موتًا شرعًا، وهذا مع مراعاة الإجراءات المنظِّمة لهذا الأمر طبيًّا، والتي تضمن ابتعاد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرَّمه الله ولا تجعله عرضة للامتهان، أو تحولـه إلى قطع غيار تباع وتشترى، بل يكون المقصد منها: التعاون على البر والتقوى وتخفيف آلام البشر، وأن يكونَ ذلك في ظروف تليق بالكرامة الإنسانية.

مفهوم علم التشريح وأهميته


أمرت الشريعة الإسلامية الإنسان باتخاذ كل الوسائل التي تحافظ على ذاته وحياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر؛ فأمرته بالبعد عن المحرمات والمفسدات والمهلكات، وأوجبت عليه عند المرض اتخاذ كل سبل العلاج والتداوي؛ فعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: جاء أَعرابِيٌّ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، أَنَتَداوى؟ قال: «تَداوَوْا؛ فإنَّ اللهَ لم يُنـزِل داءً إلَّا أَنزَلَ له شِفاءً؛ عَلِمَهُ مَن عَلِمَهُ، وجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ» رواه أحمد.

ويعتبر تشريح جثث الموتى من الوسائل التي بها اهتم الباحثون على مَرِّ الزمان للتعرف على طبيعة الإنسان والكشف عن الأمراض والأغراض العلاجية؛ فقد عرفه قدماء المصريين وقاموا بتشريح أجساد موتاهم من أجل تحنيطها، كما استخدمه أطباء المسلمين الأعلام -كأبي بكر الرازي وابن سينا وابن النفيس وغيرهم- وبرعوا فيه مع تدوين وتسجيل ما اكتشفوه من أسرار جسم الإنسان والحيوان والنبات في مؤلفاتهم الماتعة النافعة، فحازوا قصب السبق في معرفة الأعضاء والعظام والكشف عن تفاصيلها بصورة دقيقة؛ كما فعل العلامة ابن الهيثم في تشريح العين وتمكنه من الوقوف على أوصاف أجزائها.

والتشريح والشرح في اللغة: قطع اللحم على العظام قطعًا، ويطلق في الاصطلاح: على العلم الذي يبحث فيه عن أعضاء الإنسان وكيفية تركيبها من أجل معرفة كمال صنع الله تعالى والوقوف على أسباب الأمراض ومظاهرها وتيسير التداوي والعلاج منها.

قال الإمام التهانوي في “كشاف اصطلاحات الفنون”: [عبارة عن علم تعرف به أعضاء الإنسان بأعيانها وأشكالها وأقدارها وأعدادها وأصنافها وأوضاعها ومنافعها].

وجاء في “المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربيَّة بالقاهرة”: [علم يبحث في تركيب الأجسام العضوية بتقطيعها وفحصها].

وقد أجمل العلامة ابن النفيس فوائد علم التشريح في “شرح تشريح القانون” فقال: [انتفاع الطبيب بهذا العلم، بعضه في العلم، وبعضه في العمل، وبعضه في الاستدلال، أما انتفاعه في العلم والنظر، فذلك لأجل تكميله معرفة بدن الإنسان؛ ليكون بحثه عن أحواله وعوارضه سهلًا، وأما الانتفاع بالعمل فمن وجوه: أحدها: أنه يعرف به مواضع الأعضاء فيتمكن بذلك من وضع الأضمدة ونحوها، حتى يسهل نفوذ قواها إلى الأعضاء المتضررة. وثانيها: أنه يعرف به مبادئ شعب الأعضاء ونحوها، ومواضع تلك المبادئ فيتمكن من عرض لها خروج عن ذلك بخلع أو نحوه. وثالثها: أنه يعرف به أوضاع الأعضاء بعضها من بعض فلا يحدث عند البط -شقُّ القرحة والخُرَّاج- ونحوه قطع شريان، أو عصب، ونحو ذلك، وكذلك لا يقطع ليف بعض العضلات في البط ونحوه، وذلك لأجل تعرفه مذاهب ألياف العضل. وأما انتفاع الطبيب بهذا الفن في الاستدلال، فذلك قد يكون لأجل سابق النظر، وقد يكون لغير ذلك، أما الأول: فكما إذا احتاج الطبيب إلى قطع عضو، فإنه إن كان عالمًا بالتشريح تمكَّن حينئذ من معرفة ما يلزم ذلك القطع من الضرر الواقع في أفعال الشخص فيُنذِر بذلك، فلا يكون عليه بعد وقوع ذلك الضرر لائمة، وأما الثاني: فكما إذا كان يستدل به على أحوال الأمراض].

حكم تشريح المرأة الحامل التي ماتت لإنقاذ مولودها الحي من بطنها

قد قرر جمهور الفقهاء من الحنفيَّة وبعض المالكيَّة والشافعية وهو المتجه عند الحنابلة على الجملة مشروعية تشريح المرأة الحامل التي ماتت لإنقاذ مولودها الحي من بطنها.

قال العلامة أبو الليث السمرقندي الحنفي في “عيون المسائل”: [سئل محمد عن امرأة ماتت وفي بطنها ولد حي، قَالَ: يشق بطنها. ثم روى عن أبي حنيفة أنه أمر بشق بطن جارية ماتت وهي حامل فشق فخرج حيًّا وعاش].

وقال العلامة علاء الدين الكاساني الحنفي في “بدائع الصنائع”: [حامل ماتت فاضطرب في بطنها ولد، فإن كان في أكبر الرأي أنه حي يشق بطنها؛ لأنا ابتلينا ببليتين، فنختار أهونهما؛ وشق بطن الأم الميتة أهون من إهلاك الولد الحي].

وقال القاضي عياض المالكي في “التنبيهات المستنبطة”: [وقوله: “يُبقر عن الميتة”، بباء بواحدة، أي يكشف عن جنينها بشق بطنها. والبقْر: الشق. وفي آخر الباب قال سحنون وسمعت أن الجنين إذا استوقن بحياته، وكان معقولًا معروف الحياة فلا بأس أن يبقر بطنها ويستخرج الولد منها].

وقال العلامة أبو العباس الصاوي في “حاشيته على الشرح الصغير”: [ولا يشق بطن المرأة عن جنين ولو رجي حياته على المعتمد؛ لأن سلامته مشكوكة، فلا تنتهك حرمتها له، ولكن لا تدفن حتى يتحقق موته ولو تغيرت. وأما جنين غير الآدمي فإنه يبقر عنه إذا رجي حياته قولًا واحدًا. وعليه: يشق عليه من خاصرتها اليسرى إن كان الحمل أنثى، ومن اليمنى إذا كان الحمل ذكرًا، واتفقوا على أنه إن أمكن إخراجه بحيلة غير الشق وجب].

وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في “المهذب”: [وإن ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها؛ لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت].

وقال الإمام النووي في “روضة الطالبين”: [ولو ماتت امرأة في جوفها جنين حي، قال أصحابنا: إن كان يرجى حياته، شق جوفها وأخرج ثم دفنت، وإلا فثلاثة أوجه. الصحيح: لا يشق جوفها، بل يترك حتى يموت الجنين ثم تدفن. والثاني: يشق. والثالث: يوضع عليه شيء ليموت ثم تدفن، وهذا غلط وإن كان قد حكاه جماعة، وإنما ذكرته لأبين بطلانه].

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في “تصحيح الفروع”: [قوله: “وإن ماتت امرأة حامل حرم شق جوفها، نص عليه، فإن احتملت حياته أدخل النساء أيديهن في فرجها فأخرجنه، فإن تعذر فاختار ابن هبيرة: يشق ويخرج، والمذهب: لا، فعنه يفعل ذلك الرجال، والمحارم أولى، اختاره أبو بكر وصاحب المحرر. كمداواة الحي، والأشهر: لا. انتهى”. الأشهر هو الصحيح من المذهب، أعني، وإنما يفعل ذلك النساء لا غير، اختاره القاضي وصاحب المغني، والتلخيص والشرح وغيرهم. وقدمه في الرعايتين والحاويين وغيرهم. والرواية الثانية: اختارها أبو بكر والمجد وغيرهما، وأطلقهما ابن تميم].

تم نسخ الرابط