عاجل

بعد تسريبات هدير ورحمة.. هل يجوز تصوير العلاقة الحميمة وحكم الجهر بالمعصية؟

الجهر بالمعصية
الجهر بالمعصية

لا يتوقف الجدل حول أزمة تسريبات الفعل الفاضح لـ هدير عبدالرازق ورحمة محسن، خاصة بعد تصريحات هدير عبدالرازق والتي وصفت الأمر بالمنتشر على اعتبار أن تصوير العلاقة الحميمة مألوفًا بين الفنانين وفق زواج على سنة الله ورسوله - على حد زعمها، ورغم تحريم تصوير العلاقة الحميمة فإن الوقوع في الفضيحة هل يلزم صاحبه التستر أم المجاهرة وتبريرها؟

وجوب الستر وعدم نشر الفيديوهات المخلة 

حثَّ الشرع الشريف على السِّتْر، وغضِّ الطرف عن عثرات الناس وعيوبهم، وعدم تتبع عوراتهم، وعدم التشهير بهم مطلقًا؛ لئلا يكون ذلك سببًا في نشر السوء من وجهٍ، وسترًا وعونًا على إصلاح النفس والاستقامة والتوبة من وجهٍ آخر؛ فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

وفي رواية: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ» أخرجها ابن ماجه في "سننه".

حكم تصوير الزوج لزوجته.. الديوث ومروّج الفاحشة في الميزان الشرعي

قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، إن تصوير الزوج لزوجته داخل المنزل يُعد "حرامًا شرعًا"، مشيرًا إلى أننا نعيش في زمن غربة الإسلام، حيث بدأت تعود المفاهيم الدينية غريبة على المجتمع، كما بدأت أول مرة.

وأوضح كريمة، خلال حديثه لبرنامج "علامة استفهام"، أن ما نراه اليوم من تجاوزات أخلاقية داخل البيوت، وانتشار التصوير الحميمي، ما هو إلا مظهر من مظاهر غربة الدين عن واقع الناس، مستدلًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء"، مشيرًا إلى أن الغربة لا تعني الاغتراب المكاني، بل الاغتراب الفكري والقيمي في المجتمع المسلم نفسه.

واعتبر كريمة أن الزوج الذي يقوم بتصوير زوجته في أوضاع غير لائقة أو حميمة، ثم يسمح أو يتهاون في تسريب تلك الصور أو الفيديوهات، يقع في دائرة الدياثة، واصفًا مَن يُروج لمثل هذه المواد بـ"الديوث"، وهو وصف شرعي شديد يطلق على من لا يغار على أهله.

وأشار إلى أن هذا النوع من الأفعال يندرج تحت خطوات الشيطان، مستشهدًا بقوله تعالى في سورة النور: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ".

وحذّر كريمة من خطورة البث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلًا إن هذه الوسائل قد تحولت إلى منصات لنشر الفاحشة وتبادل الخصوصيات، موضحًا أن مَن يُشاهد أو يروج لمثل هذه المواد يأثم كفاعلها.

حكم التشهير بين الزوجين بعد الانفصال

يحرم شرعًا ويُجرَّم قانونًا تشهير أحد الزوجين بالآخر -سواء في حال قيام الزوجية أو بعد الفراق-، وذِكْره بالسوء مما يُبغَض ويُكرَه، وكذلك ذكر شيءٍ يتعلق بالعيوب أو الأسرار الخاصة بأحدهما، بلا ضرورة أو مقتضى شرعيّ أو سبب معتبر، والواجب عليهما الستر على بعضهما، ومراعاة المفارقة بالإحسان والمعروف.

وقد جرَّم المُشْرِع المصري أفعالَ السَّب والقذف والتشهير بالغير وإفشاء الأسرار، واعتبر ذلك جنحةً يعاقب عليها إذا توفرت أركانها بالحبس والغرامة، أو بأحدهما؛ وذلك بحسب التفصيل الوارد في الباب السابع "القذف والسب وإفشاء الأسرار" في المواد (302-310) من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937م.

ما يجب فعله على من وقع في المعاصي

الوقوع في المعاصي ممكن في حق جميع بني آدم إلا من عصمهم الله تعالى، ومن سواهم مُعرَّض للوقوع فيها قلَّت أو كثُرت، والإصرار على الذنوب وعدم التوبة منها مذموم شرعًا، وعواقبه وخيمة، وآثاره سيئة في الدنيا والآخرة، فيجب على الواقع فيها التوبة على الفور، مع الندم والعزم على عدم العود، فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه.

حكم المجاهرة بالمعاصي، ومدى اعتبار الإخبار بالمعصية في طلب الفتوى من الجهر بها

تقول الإفتاء إنه ممَّا يعظُم به الذنب المجاهرة به، بأن يرتكب العاصي الذنب علانية، أو يرتكبه سرًّا فيستره الله عزَّ وجلَّ لكنَّه يُخبر به بعد ذلك مستهينًا بسِتْر الله له، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ» متفق عليه.

فأفاد الحديث أن من معاني المجاهرة: الإعلان عن الوقوع في المعاصي وإخبار الناس بها لغير ضرورة وحاجة.

الفنانين بيصوروا نفسهم مع جوازتهم عادي

كانت هدير عبدالرازق قد كتبت في منشور لها عبر حسابها على موقع انستجرام: «يلا بقى قولوا إن رحمة محسن هي اللي نشرت الفيديوهات لنفسها! الفنانين بيصوروا نفسهم مع جوازتهم عادي.. الموضوع مطلعش غريب ولا حاجة، ولا كنت مذنبة إني وثقت في راجل أنا اتجوزته على سنة الله ورسوله.. لا حول ولا قوة إلا بالله، عالم بيخوف، أعوذ بالله، تموتوا في الفضايح ورمي المحصنات، ويبقى فيكوا العبر وتقعدوا تعيبوا على خلق الله، اتقوا الله.

تم نسخ الرابط