عاجل

دار الإفتاء توضح حكم وقوع طلاق مريض الوسواس القهري وشروط توثيقه

الوسواس القهري
الوسواس القهري

في ظل انتشار بعض حالات اضطراب الوسواس القهري بين الأزواج، ترددت أسئلة عديدة حول مدى وقوع الطلاق الصادر من مريض الوسواس القهري، وهل يشترط لتوثيقه وجود إجراءات رسمية أو مستندات، حفاظًا على استقرار الأسرة وحقوق الطرفين.

حكم وقوع طلاق مريض الوسواس القهري

وأكدت دار الإفتاء في بيان لها أن الطلاق الصادر عن مريض الوسواس القهري "الموسوس" لا يقع فعليًا، ولا يُكلف بإجراء توثيق له، سواء كان ذلك بهدف الاطمئنان أو لتبرئة النفس من احتمال وقوع الطلاق. وأوضحت الدار أن ذلك يأتي حفاظًا على الحياة الزوجية والأسرية التي يحرص الشرع الشريف على استقرارها وحمايتها.

 

وقد بيّن علماء النفس والفقهاء أن الوسواس القهري هو مرض نفسي يتمثل في أفكار متسلطة ومتكررة تدخل عقل المصاب دون إرادته، تدفعه أحيانًا إلى التلفظ أو التفكير بألفاظ ومواقف لا يقصدها حقيقة، ومن ضمنها التلفظ بكلمات طلاق دون وعي أو قصد جازم. ومن هذا المنطلق، فإن الطلاق الذي يصدر في مثل هذه الحالة لا يُعد طلاقًا شرعيًا، لما فيه من غلبة اضطراب العقل وضعف الإدراك.

 

استشهدت دار الإفتاء بأقوال كبار الفقهاء الذين أكدوا أن الموسوس مغلوب على عقله، ولا يلزمه الطلاق إذا صدر منه وهو في حالة الوسوسة أو الاضطراب النفسي. قال الإمام أبو الليث السمرقندي الحنفي: "لا يجوز طلاق الموسوس"، وقال الإمام الشافعي: "من غلب على عقله بفطرة أو حادثة علة لم يلزمه الطلاق"، وهو المذهب الذي يتفق عليه جمهور العلماء.

 

وأشارت الدار إلى أن وقوع الطلاق مرتبط بوجود اللفظ الصريح أو ما يقوم مقامه من أقوال أو أفعال مقصودة، فلا يقع الطلاق بمجرد الشك أو الوسوسة النفسية، ولا حتى بمجرد التفكير في الطلاق دون التلفظ به، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به».

 

وبالنسبة لمسألة توثيق الطلاق، أوضحت دار الإفتاء أنه لا يشترط ولا يُطلب من مريض الوسواس القهري أن يوثق الطلاق بدعوى الاطمئنان، لأن هذا سيُشكّل عبئًا عليه ويُخلّ بالتوازن النفسي والأسري، مع التشديد على أن الأصل بقاء الزواج ما دام لم تتوفر أركان وشروط الطلاق الشرعي.

 

وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أهمية صبر وتحمل مريض الوسواس القهري، واللجوء إلى المختصين في الطب النفسي للتشخيص والعلاج، معتبرة أن التداوي من الأمراض مشروع شرعًا، مستندة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء».

 

وأوصت الدار الأزواج والأسر بعدم الاستسلام لوساوس النفس التي قد تضر بالعلاقات الزوجية، وبضرورة العمل على بناء بيئة أسرية مستقرة وصحية، تراعي الجوانب النفسية والشرعية معًا.

تم نسخ الرابط