في الصلاة المفروضة.. ما هو ضابط المشقة المرخصة لترك القيام؟

أوضحت دار الإفتاء أن القيام في الصلاة المفروضة ركنٌ أصيل لا يجوز تركه إلا عند وجود عذر معتبر شرعًا، مبينة أن المشقة التي تُبيح للمصلي أداء الصلاة جالسًا هي المشقة الزائدة عن المعتاد في أصل التكليف، بحيث يترتب عليها زيادة الألم أو تأخر الشفاء أو فقدان الخشوع، أو خشية حصول ضرر محقق عند الصلاة قائمًا.
القيام في الصلاة
وأكدت الدار أن الفقهاء أجمعوا على أن الأصل في الصلاة أن تُؤدى تامة الأركان والشروط، غير أن الشريعة الغراء جاءت بالتيسير ورفع الحرج، استنادًا إلى قواعد أصولية عامة مثل: "المشقة تجلب التيسير" و"الضرر يُزال" و"الحرج مرفوع". وبناء على ذلك، فقد رخصت في ترك القيام للمريض أو العاجز أو من يخشى ضررًا معتبرًا إذا صلّى قائمًا.
وأضافت الإفتاء أن العلماء قسّموا المشقة إلى نوعين:
مشقة ملازمة للعبادة: وهي التي لا تنفك عنها العبادة بطبيعتها، كالجوع في الصيام، أو التعب الملازم للحج. وهذه لا يُرخّص بسببها.
مشقة منفكة عن العبادة: وهي التي تعرض للمكلف من عوارض خارجية كمرض أو خوف أو ضيق مكان، وهذه قد تبيح التخفيف والترخص.
وبيّنت الدار أن هذه المشقة المنفكة بدورها ثلاثة أقسام:
مشقة عظيمة يخشى معها هلاك أو ضرر جسيم، وهذه توجب التخفيف.
مشقة يسيرة يمكن احتمالها، ولا تبيح ترك القيام.
مشقة متوسطة يختلف الحكم فيها باختلاف قدرة المكلَّف وقربها أو بعدها من المشقة العظيمة.
واستشهدت دار الإفتاء بما ورد عن الصحابي عمران بن حصين رضي الله عنه، أنه كان مريضًا فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة، فقال له: «صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب»، وهو دليل صريح على مراعاة الطاقة والاستطاعة في أداء الصلاة.
كما أوضحت أن الفقهاء اعتبروا ترك القيام جائزًا في حالات مثل:
العجز الحقيقي عن الوقوف.
خشية زيادة المرض أو تأخر الشفاء.
حدوث دوار أو خوف غرق لمن يصلي في سفينة.
أو زوال الخشوع بسبب شدة الألم أو الضيق أو الخوف.
وفي الختام، شددت دار الإفتاء على أن المشقة المعتبرة هي تلك الخارجة عن المعتاد والتي يترتب عليها ضرر أو فقدان مقصود الصلاة، وهو الخشوع، أما مجرد التعب الطبيعي الملازم للعبادة فلا يعد عذرًا لإسقاط ركن القيام، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.