دار الإفتاء توضح.. ما حكم صلاة المأموم المتقدِّم على الإمام بسبب ضيق المكان؟

أكدت دار الإفتاء أن الأصل في صلاة الجماعة أن يقف المأمومون خلف الإمام أو في صفوف محاذية له، ولا يجوز لهم التقدُّم عليه؛ وذلك اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن لفظ "الإمام" يقتضي التقدُّم في المكان والقدوة في الأفعال.
ما حكم صلاة المأموم المتقدِّم على الإمام بسبب ضيق المكان؟
وأوضحت الدار أن جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى عدم صحة صلاة المأموم إذا تقدَّم على الإمام ولو خطوة، واستدلوا بقول الإمام ابن قاسم الغَزِّي الشافعي في فتح القريب: "ما لم يتقدَّم عليه، فإن تقدَّم بعقبه لم تنعقد صلاته، ولا تضر مساواته لإمامه". وهذا يؤكد أن التقدُّم يبطل الاقتداء، أما المساواة فلا حرج فيها مع استحباب التأخُّر قليلًا عن الإمام.
في المقابل، بيَّنت دار الإفتاء أن المالكية أجازوا ذلك مع الكراهة، إلا عند الضرورة فيكون جائزًا بلا كراهة، بشرط أن يتمكَّن المأموم من متابعة الإمام في أركان الصلاة. وجاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: "تقدُّم المصلي على الإمام والجنازة مكروهان، وتصح الصلاة سواء كان المتقدِّم إمامًا أو مأمومًا". كما نصَّت حاشية العدوي على أن التقدُّم لعذر، مثل ضيق المسجد، جائز من غير كراهة.
وأضافت الدار أن مناط صحة الصلاة في هذه الحالة هو إمكان متابعة الإمام في الركوع والسجود وسائر الأركان، وعدم الإخلال بوظيفة الاقتداء. وأشارت إلى أن العبرة في التقدُّم والتأخُّر إنما تكون بالعَقِب في حال القيام، وبالألية في حال الجلوس، وبالجنب في حال الاضطجاع.
وعليه، أوضحت دار الإفتاء أنه إذا امتلأ المسجد ولم يجد المصلون مكانًا إلا أمام الإمام، كما هو الحال في بعض القرى حيث تكون المساحة المتاحة في الجهة الأمامية من المسجد، فإن صلاتهم صحيحة بشرط أن ينْووا تقليد المذهب المالكي، وأن يتمكَّنوا من متابعة الإمام. أما إن وُجدت فسحة خلف الإمام أو بجواره فالواجب التزام الأصل بعدم التقدُّم.
وختمت الدار فتواها بالتأكيد على القاعدة الشرعية: "مَن ابتُلِيَ بشيء من المختلف فيه فليُقلِّد مَن أجاز". وبذلك فإن صلاة المأموم المتقدِّم على الإمام لعذر الضيق صحيحة ولا إثم فيها، سواء صلَّى ابتداءً أو اقتدى بمسبوق في نفس الموضع.