ما حكم التَّردُّد في نية صوم الفرض؛ كصوم القضاء والنذر والكفارة؟

يزداد بحث المسلمين عن ضوابط النية وأحكامها، خاصة فيما يتعلق بالصيام الواجب كالقضاء والنذر والكفارة. ومن أبرز ما يُثار في هذا السياق: هل يصح أن يدخل المسلم الصوم وهو متردد بين نية القضاء أو التطوع؟ وما الحكم الشرعي إذا لم يجزم المكلف في نيته عند صيام الفرض؟ وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أن الصيام الواجب، مثل قضاء رمضان أو صوم الكفارة أو النذر، لا يصح إلا بتعيين النية مسبقًا؛ إذ إن التردد أو عدم الجزم في نية هذا النوع من الصيام يؤدي إلى بطلانه، ولا يجزئ عن المكلف
أوضح الفقهاء أن نية الصيام لا بد أن تكون جازمة وخالية من التردد، لأنها المقصودة في الشريعة لتمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض؛ كالتفريق بين الفرض والنفل، أو بين القضاء والكفارة والنذر، وكل ذلك مرده إلى النية.
ويعود سبب اشتراط الجزم والتعيين في النية إلى منع التردد والشك، خاصة في الصوم الواجب؛ كقضاء رمضان أو صوم النذر والكفارة، فلا يجزئ فيه أن ينوي الصائم نية مترددة، كمن ينوي صيام الغد ثم يتردد بين جعله قضاء أو تطوعًا.
أراء الفقهاء
وقد نص جمهور الفقهاء على أن التعيين شرط في صحة الصوم الواجب، وأن التردد في النية يجعله غير صحيح ولا يُسقط الفرض عن المكلف.
• قال الإمام الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (2/85): “إن كان الصوم دَيْنًا، وهو صوم القضاء أو الكفارات أو النذور المطلقة، فلا بد فيه من تعيين النية؛ فلو صام بنية مطلقة لم يقع عما عليه”.
• وذكر العلامة الحصكفي الحنفي في الدر المختار (ص:144): “من نوى الصيام غدًا إن كان من رمضان وإلا فلا، لم يكن صائمًا؛ لعدم الجزم”.
• وأكد الإمام الحطاب المالكي في مواهب الجليل (2/418): أن النية في الفرض يجب أن تُبيَّت من الليل أو تقترن بالفجر، وأن تكون جازمة بلا تردد، حماية من الشك.
• وقال الإمام النووي الشافعي في المجموع (6/297): “من نوى صيام الغد عن القضاء أو التطوع لم يُجزئه عن القضاء بالإجماع؛ لعدم الجزم”.
• وجاء في الفروع لابن مفلح الحنبلي (4/453): “يجب تعيين النية في كل صوم واجب، كرمضان وقضائه، والنذر والكفارة”.
• وبيّن البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات (1/479): أن من علّق نية الصيام على المشيئة بنية الشك أو التردد، فسدت نيته لعدم الجزم.
وعليه: فالصيام الواجب، كالقضاء والكفارة والنذر، لا يصح إلا مع نية محددة جازمة، وأي تردد فيها يُبطل الصوم ولا يُجزئ عن المكلف