ما هي ضوابط أكل الذبائح في بلاد غير المسلمين؟ .. الإفتاء تجيب

مع ازدياد أعداد المسلمين المقيمين في بلاد غير إسلامية، يكثر التساؤل حول حكم أكل اللحوم والذبائح المعروضة في الأسواق هناك، خاصة مع اختلاف طرق الذبح المتبعة. فما هي الضوابط الشرعية التي يجب مراعاتها؟ وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أن الإسلام أباح للمسلمين أكل ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بنص صريح في القرآن الكريم، حيث قال تعالى:
﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُم﴾ [المائدة: 5].
ما المقصود بأهل الكتاب ؟
وبيّن المفسرون أن المقصود بـ الطعام هنا هو الذبائح واللحوم، لأنها كانت موضع التردد، أما سائر المأكولات فهي حلال بالأصل. والمقصود بأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، أما غيرهم من المجوس والوثنيين وغيرهم فلا تحل ذبائحهم.
فإن كان أهل الكتاب يذبحون الحيوان، جاز الأكل من ذبائحهم، وقد ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل من ذبائح اليهود دون أن يسأل: هل سُمِّي اسم الله عليها أم لا، وكذلك فعل الصحابة رضي الله عنهم.
أما إذا لم يُذبح الحيوان، وإنما أُميت بالخنق أو الضرب أو الصعق حتى الموت، فإن لحمه لا يجوز؛ لأنه يدخل في حكم الميتة، كما قال تعالى:
﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ﴾ [المائدة: 3].
وعليه، فإذا جُهلت طريقة الذبح، هل كانت على الوجه الشرعي أم لا، فعلى المسلم أن يذكر اسم الله قبل الأكل ثم يأكل. أما إذا عُلم يقينًا أن الحيوان لم يُذبح وإنما مات بطريقة غير شرعية، فاللحم محرم.
ماشروط الذبح في الإسلام ؟
وقد جعل الإسلام الذكاة – أي الذبح – شرطًا لحل أكل الحيوان المباح، واشترط الفقهاء لذلك شروطًا تتعلق بالذابح، والأداة، وموضع الذبح. فالذبيحة حلال إذا قام بها مسلم أو كتابي قادر على الذبح. وإذا جهلنا هل ذكر الذابح اسم الله أم لا، فإنها تبقى حلالًا، لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن قومًا حديثي عهد بشرك كانوا يأتون بلحم لا يُدرى هل ذكر اسم الله عليه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «سَمُّوا أنتم وكُلُوا» (رواه ابن ماجه).
أما الأداة، فيشترط أن تكون حادة تقطع بحدها لا بثقلها، وألا تكون سنًا أو ظفرًا.
وبالنسبة لموضع الذبح، فإن الفقهاء اختلفوا:
• الحنفية قالوا بقطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين.
• المالكية اشترطوا قطع الحلقوم والودجين، دون اشتراط المريء.
• الشافعية والحنابلة قالوا بوجوب قطع الحلقوم والمريء معًا.
ومن باب الاحتياط، إذا وُجدت ملحمة إسلامية يُوثق في التزامها بالذبح الشرعي، وجب على المسلم أن يشتري منها، وألا يترك المتيقن إلى المشكوك فيه، عملًا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» (رواه البخاري).
وعلى المسلم أن يتبع هذه القواعد في شراء ما يأكله من اللحوم، حتى يطمئن قلبه، عملًا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» (رواه أحمد)