كيف استغلت إسرائيل المقترح الأمريكي الجديد بشأن غزة لصالحها؟

كشفت صحيفة معاريف العبرية أن المبادرة التي قدمها المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف مؤخراً لحركة حماس وحكومة بنيامين نتنياهو، لم تكن في الأصل سوى نسخة معدلة من "خطة ديرمر" التي صاغها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، منتصف أغسطس الماضي.
وبحسب التقرير، فإن الخطة تم تمريرها إلى الإدارة الأمريكية عبر "تفاهمات سرية"، واتُّفق على إعادة طرحها كـ"خطة أمريكية مستقلة"، لا علاقة لإسرائيل بها رسميًا، رغم أن جوهرها صُمم في تل أبيب.
خطة إسرائيلية بهوية أمريكية
تشير الصحيفة إلى أن "الخطة الأمريكية" الحالية تتطابق تمامًا مع الخطة التي صادق عليها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت) قبل نحو أسبوعين، وتشمل بنودها على النحو التالي:
- نزع سلاح حركة حماس،
- إخراج كافة عناصرها من قطاع غزة،
- استعادة الرهائن بالكامل،
- فرض سيطرة أمنية إسرائيلية شاملة على القطاع ومحيطه
- إنشاء حكومة مدنية جديدة لا ترتبط بحماس ولا بالسلطة الفلسطينية.
وأكدت الصحيفة أن هذه الخطوات تمت صياغتها في إسرائيل، لكن الخطة أُعطيت طابعًا أمريكيًا لعدة أسباب، أبرزها تسهيل تمريرها دوليًا وتجنّب إعلان إسرائيل الدخول في مفاوضات مباشرة مع حركة تصنفها كـ"منظمة إرهابية".
ازدواجية المواقف لكسب الشرعية
تقول الكاتبة الإسرائيلية آنا بريسكي إن تل أبيب عمدت إلى خلق موقف مزدوج: فهي من جهة تدّعي أنها ليست على علم بتفاصيل المبادرة الأمريكية، ومن جهة أخرى تتماهى كليًا مع مضمونها، لأن هذه الازدواجية تمنحها ميزة دبلوماسية.
ففي حال رفضت حماس الخطة – وهو الاحتمال الأرجح بحسب بريسكي – تُلقى مسؤولية استمرار الحرب على الحركة، ما يمنح إسرائيل غطاءً دوليًا لتبرير استمرار عمليتها العسكرية. أما إذا قبلت حماس بالخطة، فإن إسرائيل تُعلن حينها انتصارها السياسي والعسكري، وتُنهي الحرب بشروطها.
التنسيق بدأ قبل "عربات جدعون 2"
تضيف معاريف أن الوزير ديرمر عرض خطته على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منتصف أغسطس الماضي، قبل انطلاق عملية "عربات جدعون 2"، وهي العملية العسكرية الواسعة في قطاع غزة، ورغم أن نتنياهو لم يحسم موقفه النهائي آنذاك، فقد ترك الباب مفتوحًا لكل السيناريوهات: إما صفقة شاملة تنهي الحرب دون تنازلات، أو الاستمرار بالتصعيد مع الحفاظ على الغطاء الأمريكي.
وبعد إعادة صياغة الخطة وتسويقها كـ"خطة أمريكية"، تلقتها إسرائيل رسميًا السبت الماضي، وسارعت فوراً إلى نفي معرفتها بها أو الاطلاع على تفاصيلها النهائية، رغم أن محتواها مطابق لخطة ديرمر المعتمدة.
سيناريوهات محسوبة
أشارت الصحيفة إلى أن هذا النفي جزء من استراتيجية محكمة تهدف إلى تعزيز فرص تمرير الخطة، أو على الأقل كسب مزيد من الشرعية الدولية لاستمرار الحرب، فكلما بدت الخطة أمريكية بحتة، كلما سهل الدفاع عنها دولياً، حتى لو فشلت في تحقيق اختراق.