ما حكم دفن المرأة مع أبيها في قبر واحد؟.. دار الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم وصية المرأة بأن تُدفن بجوار أبيها بعد وفاتها، بالرغم من وجود مقابر مخصصة للنساء، مؤكدةً أنه لا حرج في تنفيذ هذه الوصية شرعًا، على أن يُراعى وضع حاجز من الطوب أو ساتر من التراب بينهما، صونًا للخصوصية وحفظًا للحرمة.
استحباب دفن الأقارب في مكان واحد
ذكرت الفتوى أن الفقهاء نصوا على استحباب دفن الأقارب في مقبرة واحدة؛ لأن ذلك أدعى للتواصل الروحي بين الأحياء والأموات، وأسهل على أهلهم لزيارتهم والترحم عليهم.
وقد استشهدت دار الإفتاء بما ورد في السنة النبوية، حيث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند دفن الصحابي عثمان بن مظعون رضي الله عنه بوضع حجر عند رأسه ليُعرف قبره، وقال: «أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي»، مما يدل على مشروعية جمع الأقارب في مكان واحد.
كما أوردت الفتوى أقوال فقهاء المذاهب الأربعة في استحباب دفن الأقارب سويًا، منهم الإمام النووي الذي أكد أن ذلك سنة مستحبة، والإمام ابن قدامة الذي اعتبره أمرًا حسنًا يسهل الزيارة والدعاء، وكذلك العلامة المرداوي الذي شدد على أن دفن الأقارب في موضع واحد أدعى لحفظ القبور من الاندثار.
الجمع بين الرجال والنساء في القبور
وحول حكم دفن المرأة مع أبيها، أوضحت دار الإفتاء أن الأصل هو عدم الجمع بين الرجل والمرأة في قبر واحد إلا عند الضرورة أو في حال وجود علاقة محرمية أو زوجية.
فنص فقهاء الشافعية، ومنهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، على أن الجمع بين الرجل والمرأة في قبر واحد حرام عند عدم الضرورة، لكنه جائز إذا كان بينهما محرمية كالأب مع ابنته أو الزوج مع زوجته.
كما أكد العلامة ابن حجر الهيتمي أن الأمر لا يجوز إلا عند الحاجة الشديدة أو مع وجود رابطة شرعية، وإلا فهو ممنوع شرعًا، قياسًا على الحياة الدنيا حيث لا يجوز اختلاط الأجساد بين الجنسين إلا بضوابط شرعية.
وصية المرأة بالدفن مع أبيها
بناءً على ما سبق، أوضحت الفتوى أن وصية المرأة بأن تُدفن بجوار أبيها جائزة شرعًا، خاصة أن بينهما رابطة المحرمية. لكن يشترط أن يكون هناك حاجز فاصل من الطوب أو التراب بينهما داخل المقبرة، التزامًا بالآداب الشرعية، وحفظًا لحرمة الموتى.
وبيّنت دار الإفتاء أن الشرع الإسلامي راعى مشاعر ذوي الميت ورغباته المشروعة، ما دام الأمر لا يخالف الضوابط الشرعية، وبالتالي لا مانع من تنفيذ مثل هذه الوصية.
خلصت دار الإفتاء إلى أن دفن المرأة بجوار أبيها جائز إذا أوصت بذلك، مع مراعاة وضع حاجز فاصل بينهما داخل المقبرة. وأكدت الفتوى أن دفن الأقارب في مكان واحد مستحب شرعًا، لما فيه من تيسير على الأحياء عند زيارة القبور والدعاء، وأن الجمع بين الرجل والمرأة في الدفن لا يجوز إلا عند الضرورة أو مع وجود محرمية أو زوجية.
وهكذا يجمع الحكم الشرعي بين صيانة حرمة الميت واحترام رغباته في الوصية، وبين مراعاة القواعد الفقهية التي تحفظ النظام والآداب في أمور الدفن.