ما الفرق بين حب الحياة وحب الدنيا؟.. علي جمعة يوضح

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية السابق، أن هناك فرقًا جوهريًا بين حب الحياة وحب الدنيا، موضحًا أن الإسلام ينظر للحياة باعتبارها شاملةً للدنيا والآخرة، بينما الدنيا وحدها ما هي إلا مرحلة قصيرة وفانية.
وأشار جمعة إلى أن عقيدة المسلم قائمة على الإيمان باليوم الآخر وما بعده من خلود وبقاء، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾، لافتًا إلى أن من يقصر حبه على الدنيا وحدها يفوته حب الحياة الدائمة.
متاع الدنيا مشروع للمؤمن
وأوضح علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمن أن يتمتع بزينة الدنيا وطيباتها، على أن يظل قلبه متوجهًا إلى الآخرة باعتبارها الامتداد الحقيقي للحياة. وقال: "المؤمن أحق الناس بنعم ربه وتسخيرات الكون من حوله"، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
وأضاف أن الإسلام يوازن بين حق الإنسان في الاستمتاع بالدنيا، وبين مسؤوليته في جعلها مزرعةً للآخرة، بعيدًا عن الإفراط والتفريط.
تحذير من المفاهيم الضيقة للحياة
ونبّه الدكتور علي جمعة إلى خطورة الخلط بين حب الحياة وحب الدنيا، حيث وقع بعض الناس في مفاهيم مغلوطة، فمنهم من كره الدنيا فضيع حقه وحق غيره فيها، ومنهم من أنكر الآخرة فانشغل بالدنيا وحدها. وقال إن هؤلاء جميعًا أصحاب رؤية ناقصة، بينما الإسلام قد وسّع المفهوم، فالحياة عند المسلمين تشمل الدنيا والآخرة معًا.
وشدد جمعة على أن كراهية الحياة ليست من الدين، وأن من يسعى للموت بدعوى الزهد قد أساء الفهم، فالقرآن الكريم فرّق بين الحياة المذمومة المقيدة بالدنيا المليئة بالشهوات، وبين الحياة الحقيقية التي تشمل الآخرة.
الإسلام يدعو إلى التوازن
واختتم جمعة بالتأكيد أن التفريق بين حب الحياة وحب الدنيا أمر ضروري لتصحيح المفاهيم، مشيرًا إلى أن المؤمن مأمور بأن يحب الحياة، وأن يعمل فيها صالحًا، وألا يحرم نفسه من زينتها، مع إدراك أن الآخرة هي دار البقاء.