جنرالات الجيش يضعون قيودًا صارمة على خطة احتلال غزة رغم ضغط نتنياهو

عقد رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، اجتماعًا موسعًا مع كبار قادة المؤسسة العسكرية، هو الأول من نوعه بعد إقرار الحكومة خطة السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
وأسفر الاجتماع عن بلورة مقاربة ميدانية تختلف إلى حد كبير عن الرؤية التي يطرحها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مع توجيه دفة التنفيذ نحو نهج أكثر تحفظًا وتريثًا.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن المؤسسة العسكرية تميل إلى تأجيل بدء العملية الجديدة لعدة أشهر، مع تأخير استدعاء قوات الاحتياط بذريعة ضغط العمل، وتفادي تجاوز "الخطوط الحمراء" التي حددها زامير، والتي تشمل الامتناع عن العمليات في أماكن تواجد الرهائن، والالتزام بمبدأ "السلامة قبل السرعة" في تحركات الجيش.
خلافات عميقة مع القيادة السياسية
تشير المعطيات إلى وجود تصادم متزايد بين الرؤية العسكرية بقيادة زامير والطموحات السياسية لنتنياهو، الذي حدد تاريخ 7 أكتوبر كموعد مفصلي للبدء في تنفيذ الخطة. لكن الجيش يبدي حذرًا شديدًا، حيث يرى في هذا التحرك تهديدًا لاستقراره الداخلي وقدرته القتالية، ويفضّل تنفيذ الخطوات ميدانيًا بوتيرة بطيئة ومتقطعة، ما يسمح ببقاء حماس نشطة لفترة أطول، وقد يفتح المجال لصفقة محتملة في المستقبل.
تكتيك "عربات جدعون" مستمر
حتى بدء المرحلة الجديدة فعليًا، ستواصل القوات النظامية نهجها القتالي الحالي المعروف باسم "عربات جدعون"، والذي يقوم على تنفيذ غارات محدودة عبر محاور تطويق محيطة بمدينة غزة، في مشهد يتم تسويقه للرأي العام كجزء من "العملية الكبرى" التي تنتظر التنفيذ الشامل.
وأكدت تصريحات صادرة عن المتحدث العسكري قبل اجتماع مجلس الوزراء، أن الجيش سيتبع الإرشادات التي وضعها زامير، والتي تقضي بحماية حياة الرهائن وتفادي استدعاء الاحتياط في الشهرين القادمين، رغم ضغط نتنياهو المتواصل.
مناطق معقدة ومحظورة
تم تصنيف جيش الاحتلال بعض المناطق داخل غزة على أنها "شديدة التعقيد"، ومُنعت الكتائب والألوية من دخولها منذ بدء الحرب في نوفمبر 2023، بسبب احتوائها على رهائن أو كثافة سكانية مرتفعة.
وتؤكد القيادة التزامها بعدم خوض أي عمليات برية هناك، احترامًا للقانون الدولي، رغم الضغط المتزايد من الحكومة.
وتنصّ استراتيجية زامير على أولوية الحفاظ على الأرواح، حتى لو استغرق تطهير الأحياء الصغيرة أسابيع طويلة، بدلًا من التسرع في شن عمليات واسعة النطاق.
عقبات ميدانية وتخوفات من الاستغلال السياسي
من أبرز المعوقات التي تواجه تنفيذ الخطة، بطء استجابة السكان الفلسطينيين لأوامر الإخلاء. وتفيد تقارير الجيش أن تجربة عملية "عربات جدعون" أثبتت أن إقناع المدنيين بإخلاء منازلهم يحتاج إلى وقت طويل، حتى مع استخدام التهديد الناري.
كما تشير تقديرات الجيش إلى أن أكثر من 800 ألف فلسطيني عادوا إلى غزة خلال الأشهر الأخيرة، من بينهم آلاف من عناصر حماس الذين أعيد نشرهم، خاصة في الأحياء الغربية للمدينة.
ويُبدي قادة جيش الاحتلال مخاوف من استغلال نتنياهو لأي تحرك عسكري محتمل لأهداف سياسية، خصوصًا في ظل تحديد موعد 7 أكتوبر، الذي يُنظر إليه كغطاء لتأجيل الانتخابات أو إبرام صفقة رهائن قد تُنهي العمليات بشكل مفاجئ.
التزام بالقانون الدولي
من المتوقع أن يستمر زامير في تطبيق ضوابط صارمة تضمن التزام الجيش بالقانون الدولي، على عكس العمليات السابقة التي أُطلقت بطلب مباشر من القيادة الجنوبية وأثارت موجات انتقاد حادة بسبب ما خلفته من خسائر بشرية في صفوف المدنيين.
أزمة استدعاء الاحتياط
في سياق متصل، ناقش كبار القادة اختيار الفرق التي ستشارك في العملية المقبلة، والتي قد تضم واحدة على الأقل من قوات الاحتياط. ويواجه الجيش تحديات لوجستية بسبب تراجع جاهزية قوات الاحتياط، حيث أبلغ عدد كبير من الجنود نيتهم عدم تلبية أوامر الاستدعاء خلال شهري يوليو وأغسطس بسبب عطلات أسرهم، ما أدى إلى انخفاض نسبة الحضور إلى أقل من 70% في العديد من الكتائب.
ورغم هذه المعوقات، وعد زامير ضباط الفرق والألوية بتقليص الضغط عن جنود الاحتياط في الأشهر المقبلة، في محاولة للحفاظ على توازن القتال والاستعداد المستمر دون استنزاف الموارد البشرية.