هل تتدخل الدولة لإنقاذ منظومة إنتاج الدواجن من أزمتها الراهنة؟
عبد العزيز السيد: وضع معادلة سعرية ومراقبة تنفيذها يضبط المنظومة ويحماية المنتج والمستهلك
سامح السيد: ضرورة تفعيل بورصة الدواجن لحماية المنتجين من سيطرة السماسرة
رشاد قرني: قطاع من المربيين خرج بالفعل من السوق مما يزيد من تفاقم الأزمة
مصطفى رجب: كيلو الدجاج قد يصل لـ 120 جنيه بالمزارع ما لم تُحل المشكلة
يعاني منتجي الدواجن في مصر خلال الفترة الراهنة من تدني أسعار بيع الدجاج من المزارع للحد الذي ألحق بهم خسائر فعلية، مما دفع العديد منهم للخروج من السوق وتصفية أعمالهم.
أكد المنتجون أن أكثر المتضررين عم الصغار منهم، مع توافر بدائل من شأنها أن تحقق لهم مكاسب تعويضية، مؤكدين أن استمرار خروج المربيين من السوق، خاصةً مع دخول فصل الشتاء الذي تزداد فيه تكلفة التدفئة، ينذر بقرب حدوث أزمة في الأسواق، قد تؤدي إلى مضاعفة أسعار الدجاج، كي يعوض المتبقي من المربيين خسائرهم المتوالية.
واقترح رؤساء شعب الدواجن بمختلف الغرف التجارية عدة حلول لإنهاء الأزمة بشكل يحقق الحماية لكل من المنتِج والمستهلك، وأكد بعض منهم تواصله مع عدد من المسؤولين، على مدار الأعوام االماضية، وليس في الفترة الراهنة فقط، ولكن أحدًا لم يسجب لمطالبهم.

في البداية قال الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بـ "الاتحاد العام للغرف التجارية"، إن البيانات الواردة من وزارة الزراعة تفيد بأن إنتاج مصر من الدواجن يتزايد، حيث وصل إنتاجنا هذا العام إلى حوالي 1.6 مليار دجاجة، فيما ارتفع إنتاج البيض من 14 مليار بيضة في 2024، إلى 16 مليار بيضة في 2025، ورغم ذلك يخسر المنتجين.
البيع بسعر غير مناسب
وأوضح - لـ "نيوز رووم" - إن الأسباب الرئيسية للخسارة تتمثل في ضعف القوة الشرائية للمواطن المصري، بالإضافة إلى كون الدواجن سلعة حية لا يمكن تخزينها لأن ذلك يعني زيادة احتمالية تعرضها للنفوق أو الإصابة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الخسائر في حالة عدم الإسراع ببيعها، وبناءً عليه لا بد أن تُباع حتى لو بسعر غير مناسب.
معادلة سعرية
وأضاف أن حل هذه الأزمة يجب أن يتم من خلال وضع معادلة سعرية للحفاظ على المنتجين. وتضمن هذه المعادلة حساب أسعار العلف والكتكوت والأدوية البيطرية، مع حساب نسبة النافق الطبيعية، وكذلك اعتبار اللوجستيات: مثل الكهرباء، والمياة، والعمالة، وإيجار المزرعة، مع احتساب هامش ربح بنسبة 5%، وفقًا للسيد الذي أشار إلى أن تلك المعادلة من المفترض حسابها مع كل دورة إنتاجية، لأن مستلزمات الإنتاج متواجدة كل 3 أشهر، فالمنتِج يكون على دراية مسبقة بأسعار المواد الخام المتواجدة لديه. وبناءً عليه تنضبط المنظومة، ويربح المنتج ليستمر في الإنتاج، بحسب رئيس شعبة الدواجن بـ "الاتحاد العام للغرف التجارية: الذي لفت إلى أن الجهات المسؤولة عن تحقيق هذه المعادلة هي وزارة التموين، ووزارة الزراعة، في آن واحد، بالإضافة إلى جهاز الشرطة.
وأكد السيد أن الأزمة الحالية تتسبب في خسائر للمنتجين وليس التجار، مؤكدًا أن التاجر لا يخسر، وكذلك كل الحلقات الوسيطة، موضحًا أن التكلفة الفعلية لإنتاج كيلو دجاج لا تقل عن 65 – 67 جنيه في المزرعة، وهو السعر العادل لتحقيق هامش ربح بسيط.
مؤشر خطير في فصل الشتاء
وقال إن استمرار الأسعار بمعدلاتها الحالية هو مؤشر خطير لاستمرارية تدني الأسعار مع دخول فصل الشتاء الذي تزيد فيه تكلفة التدفئة، واليت ارتفعت بالفعل مع رفع أسعار الوقود من سولار وبوتجاز.
حماية المستهلك
وأوضح أن رفع الأسعار بنسب يسيرة يحمي المستهلك، لأن خروج قطاع عريض من المنتجين يعني ارتفاع مبالغ فيه في الأسعار لاحقًا، فالسوق مهدد بسبب خسائر صغار المنتجين، أما الكبار فتتعدد لديهم بدائل تحقيق المكاسب مثل: بيع الكتكوت والعلف والدجاج المذبوح، مؤكدًا أن كل الحلقات والميزات متاحة لديهم، وهو ما لا يتوفر عند صغار المنتجين.
وتابع: "هدفنا الحفاظ على المستهلك والمنتج في آن واحد، فنحن لدينا دور مجتمعي أيضاً يتجلىى في إقامة معارض "أهلا رمضان"، و"أهلا مدارس"، للحفاظ على المستهلك البسيط صاحب الدخل المتدني".
التواصل مع المسؤولين
وأكد أن الشعبة برئاسته تحدثت في مختلف وسائل الإعلام التي تُعرض على الوزارات كإجراء روتيني، ليصل صوت التجار للمسؤولين من خلال الإعلام، مطالبين بضبط المنظومة التي تعتبر هي الملاذ الآمن لتوفير البروتين للمواطن المصري، للحافظ عليها.
وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، عقدنا عدة اجتماعات مع مسؤولي الطب البيطري ومسؤولي "الزراعة"، وتحدثنا في اللجنة الرئاسية الدائمة العليا لتطوير منظومة الثروة الداجنة في مصر منذ خمس سنوات بحضور وزير الزراعة آنذاك السيد القصير، وعرضنا عليه وضع سعر استرشادي للدواجن من المزرعة وسعر وصولها للمستهلك، على أن يُعمل به كقانون، تراقب تنفيذه كل الجهات المعنية، وتُحاسب المخالف، ولكن لم يحدث شيئًا".
الحركة السعرية
وأكد أنه طالما لم يتم التحرك بشكل إيجابي أو وضع أطر محددة، فلا أحد بإمكانه أن يتوقع الحركة السعرية، فحاليًا التكلفة عالية والسعر متدني، ومن الممكن غدًا أن تكون التكلفة متدنية والسعر عالي، ما دام ليس هناك آليات محددة لضبط السوق.
ارتفاعات مبالغ فيها
وتوقع رشاد قرني نائب رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، أن تشهد أسعار الدجاج ارتفاعات مبالغ فيها مع بداية العام المقبل، وذلك بالتزامن مع دخول أعياد الميلاد ثم شهر رمضان الكريم، موضحًا أن تلك الارتفاعات السعرية المرتقبة تأتي في إطار تعويض خسائر منتجي الدواجن في الفترة الحالية.
خروج المربيين من السوق
وأضاف - لـ "نيوز رووم" - أن هناك مربيين خرجوا بالفعل من السوق خلال الفترة الماضية، حيث قاموا ببيع الأمهات التي تنتج بيض التفريخ - الذي يتحول إلى دجاج - مما يعني أنه سيكون هناك فجوة بين الطلب والمعروض.
زيادة أسعار الدواجن
وتوقع أن يبيع المنتجين كيلو الدجاج الحي من المزرعة بمعدل سعري يتراوح بين 75 – 90 جنيه، على أن يصل للمستهلك بحوالي 100 جنيه، مضيفًا أن كيلو الدجاج المذبوح منزوع الريش والأحشاء قد يتجاوز سعره مستوى 130 – 140 جنيه.
استقرار أسعار البيض
ولفت إلى أن ذلك لن يؤثر على أسعار البيض التي تتسم بالاستقرار حاليًا، نافيًا وجود أية علاقة أو ربط بين أسعار البيض وأسعار الدجاج، كما نفى وجود أية مشاكل مرتبطة بالتسعير الحالي للبيض.
تكلفة الإنتاج
وأشار نائب رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، إلى أن تكلفة الإنتاج تزيد عن أسعار البيع، كاشفًا أن إنتاج كيلو الدجاج يتكلف نحو التكلفة 65 جنيه، بينما يبلغ سعر البيع من قبل المنتِج من المزرعة حوالي 57 أو 58 جنيهًا.
ركود الأسواق
وبشكلٍ عام، أكد أن الركود الحالي هو ركود عام على مستوى جميع الأسواق والسلع، وليس سوق الدجاج فقط، مرجعًا ذلك إلى موسم المصايف، ثم بداية المدارس، فدخول الشتاء، مما يُخفض من القدرة الشرائية للمواطن، فضلًا عن التزامن مع صيام المسيحيين، مما تسبب في ركود الأسواق عمومًا، وتراجع في الإقبال على الدواجن.
تفعيل بورصة الدواجن

ومن ناحيته، طالب سامح السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة، بضرورة تفعيل بورصة الدواجن المغلقة حاليًا في بنها مشيرًا إلى أن بعض السماسرة المتواجدين على الساحة هم من يقوم بتحديد الأسعار حاليًا.
وقال لـ "نيوز رووم" – إنه إذا استقرت الأسعار على ما هي عليه حاليًا، فسيخرج قطاع كبير من المنتجين من المنظومة، مما يترتب عليه حدوث فجوة وارتفاع كبير في الأسعار.
ارتفاع الأسعار بنحو 15%
وتابع: "نأمل أن يحدث الفترة القادمة ارتفاع بسيط في الأسعار ، وهو أمر متوقع، بسبب دخول أعياد الميلاد، واستقبال شهر رمضان، مما ينتج عنه سحب شديد، وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع بسيط في الأسعار لن يتعدى 15%، ويسمح بتحسن بسيط للمنتجين، أو على الأقل لا يتعرضوا لخسائر كبيرة".
وتوقع أن يبلغ سعر كيلو الدجاج من المزرعة ممكن إلى 65 – 70 جنيه، في المزررعة، ليصل إلى المستهلك بحوالي 75 – 80 جنيه كحد أقصى لسعر كيلو الدجاج الحي.
فائض في الإنتاج.
وأعرب عن تمنياته بتعويض المنتجين لخسائرهم الماضية، في ظل مجهودات الدولة من تسهيل إجراءات دخول مدخلات الإنتاج من الذرة الصفراء والصويا وتراجع أسعارها، مع انخفاض سعر الكتكوت، مما يساهم في زيادة الإنتاج، موضحًا أن هناك فائض إنتاج في الدجاج والبيض يصل إلى 25%، مما يحقق اكتفاءً ذاتيًا.
وأشار إلى أنه رغم أن انخفاض أسعار الدواجن في الفترة الحالية يأتي في صالح المستهلك، إلا أن المنتج يتعرض لخسائر فادحة.
واختتم حديثه: "يهمنا مصلحة المستهلك، ولكن صاحب المزرعة أيضًا مستهلك ولديه بيوت مفتوحة، واستمرار الوضع الحالي ينذر بحدوث أزمة".
وقال مصطفى رجب مدير تسويق شركة "أرزاق مصر للاستثمار الزراعي" ومربي دواجن، إن سعر كيلو الفراخ البيضاء من المزرعة حاليًا يبلغ نحو 58 جنيه، وهو ما يمثل خسارة للمنتجين، مما قد يترتب عليه خروج قطاع كبير منهم من السوق، مؤكدًا أنه في حالة تكرار الخسائر على مدى زمني ستحدث أزمة كبيرة بسوق الدواجن.
مضاعفة أسعار الدواجن
وأوضح - لـ "نيوز رووم" – أن من سيستمر من المربيين وقتها سيكون قادرًا على تحمل الخسارة، وبالتالي سيعمل على تعويضها في الوقت المناسب بمكاسب مبالغ فيها، وقد يرتفع حينها سعر كيلو الفراخ البيضاء من المزرعة إلى 120 جنيه، مما يعني مضاعفة الأسعار.
تدخل المسؤولين
وأشار إلى أنه لابد من تدخل سريع وفعال من قبل المسؤولين لإنها هذه الأزمة، لافتًا إلى أن هناك وعود بخفض أسعار مدخلات الإنتاج لتحجيم الخسائر، وتشجيع المربيين على استمرار التشغيل والتربية، لافتًا إلى أن بعض المدخلات أسعارها قلت بالفعل ولكن بنسبة لا تتعدى 1%، حيث أوضح أن متوسط سعر طن العلف انخفض من 22 ألف جنيه إلى 21.700 ألف جنيه، أي ما زالت قيمة التراجع غير مجزية.
انخفاض أسعار الكتاكيت
أما أسعار الكتاكيت، فهي انخفضت بشدة، ولكن ذلك أدى إلى تفاقم الازمة، وفقًا لمدير التسويق بشركة "أرزاق مصر"، موضحًا أننا نفتقد السوق الذي يكفي لاستقبال زيادة أعداد الدواجن الناتجة عن زيادة أعداد الكتاكيت، مما أضر بالمنتجين، خاصةً مع تلاعب الحلقات الوسيطة، متمثلةً في السماسرة وقلة من التجار أحيانًا.
هبوط أسعار الدواجن بالمزارع
وانخفضت أسعار الدواجن في نوفمبر الماضي. واستقبلت الأسعار ديسمبر بتراجع جديد، لتهبط أسعار الدواجن بالمزرعة صباح اليوم الإثنين الموافق 1 ديسمبر 2025، بواقع جنيهان مقارنة بأسعار أمس، ليسجل سعر كيلو الفراخ البيضاء 56 جنيها تسليم أرض مزرعة، بدلًا من 58 جنيها سعر أمس، ليصل إلى يد المستهلك 66 ، بعد إضافة تكلفة النقل لكل كيلو.
وقد تختلف أسعار البيع للمستهلك وتزيد وفقًا للمنطقة، فالقاهرة والمدن تشهد ارتفاعًا أكبر من الأسعار، مقارنةً بالقرى والأحياء الشعبية.
كما تراجعت أسعار الفراخ الساسو "الحمراء"، ليسجل سعر الكيلو 70 جنيهًا في المزرعة، ليصل إلى يد المستهلك بحوالي 90 جنيها تقريبًا.
ومن المتوقع أن تستقر أسعار الدواجن في مستوياتها الحالية حتىى نهاية ديسمبر، على أن تشهد ارتفاعًا مع بداية عام 2026، بالتزامن مع أعياد الميلاد ودخول شهر رمضان الكريم.



