اجتماع عربي في القاهرة لتنفيذ توصية اليونسكو لعام2023حول التعليم من أجل السلام
اجتمع ممثلون عن وزارات التربية والمنظمات الإقليمية ووكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني وشبكات الشباب في القاهرة للمشاركة في الاجتماع الإقليمي التشاوري الذي عُقد على مدى يومين لمناقشة الأولويات الإقليمية والمسارات العملية لتنفيذ توصية اليونسكو لعام 2023 بشأن التعليم من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.
نُظم الاجتماع من قبل مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، بالشراكة مع مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم (RCQE)، وبدعم من حكومة جمهورية كوريا، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو.

وتوفر توصية اليونسكو لعام 2023 إطارا عالميا شاملا لدمج السلام وحقوق الإنسان والتماسك الاجتماعي والاستدامة في الأنظمة التعليمية، من خلال سياسات مترابطة، ومناهج حديثة، وبرامج لتنمية قدرات المعلمين، وبيئات تعلم آمنة وشاملة، وشراكات متعددة الأطراف.
وقالت "ميسون شهاب"، رئيسة قسم التربية في مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت: " تواجه منطقتنا العربية تحديات كبرى: ضغوطا اقتصادية وتحولات ديموغرافية وتأثيرات مناخية وفجوات رقمية وتناميا في الاستقطاب وفقدان الثقة وحركات نزوح واسعة تثقل كاهل الأنظمة التربوية.

وقد أظهر المسح الإقليمي الذي أجراه مكتب اليونسكو في بيروت مؤخرا، أن العديد من الدول العربية بادرت بالفعل إلى دمج مقاربات للتعليم القائم على القيم ضمن منظوماتها التعليمية. وهذا يؤكد أن الزخم موجود، ومهمتنا هنا في القاهرة هي البناء عليه، وربطه، وتوجيهه من خلال إطار التوصية."
وأضافت شهاب: "هذه التوصية ليست مجرد وثيقة نظرية، بل هي دعوة صريحة للدول للانتقال من الالتزام إلى التنفيذ.
تعزيز الحوار بين مكونات المجتمع
وأود أن أؤكد على أن السلام الذي تدعو إليه هذه التوصية يتجاوز المفهوم الضيق لغياب الحروب والنزاعات؛بل هو سلام يرتكز على الممارسة اليومية لاحترام الآخر والإنصاف وبناء الثقة وتعزيز الحوار بين مكوّنات المجتمع.
تعكس هذه التوصية إجماعا عالميا على أن التعليم ينبغي ألا يقتصر على المعارف الأكاديمية، بل أن يزود المتعلمين بمنظومة متكاملة من القيم والمواقف والمهارات اللازمة التي تُعزّز قدرتهم على المساهمة بشكل إيجابي في مجتمعاتهم.

من جهته، قال الدكتور "عبد الرحمن المديرس"، المدير العام لمركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميّز في التعليم (RCQE): "إن هذه التوصية الأممية تمثل خطوة مفصلية في مسار إصلاح التعليم عالميًا، فهي تدعو إلى إعادة بناء الأنظمة التعليمية على قيم الإنسانية المشتركة، وتعزيز المواطنة الفاعلة، وتمكين الأجيال من أن تكون طرفًا في صناعة السلام لا متلقية لنتائجه فحسب.
وفي المنطقة العربية، حيث تتقاطع التحديات التعليمية والاجتماعية والثقافية مع متطلبات الاستقرار والتنمية، تصبح هذه التوصية أكثر ضرورة وإلحاحًا.
ومن هذا المنطلق، يأتي دور المركز بالتعاون مع شركائه في دعم الدول العربية في مواءمة السياسات وبناء الأطر والمعايير وتطوير الكفاءات، بما يضمن ترجمة التوصية إلى ممارسات تعليمية واضحة وقابلة للقياس، تعزز الجودة، وتسدّ الفجوات، وتدعم التماسك المجتمعي، وتُلهم منظومات التعليم للتحوّل نحو مستقبل أكثر استدامة وإنصافًا."
وفي ختام كلمة "المديرس" توجه بالشكر والتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان حفظهما الله للدعم اللامحدود للجودة والتميز في التعليم على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي والاهتمام بتحويل التعليم من أجل مستقبل مستدام للجميع، والشكر لوزير التعليم يوسف البنيان رئيس مجلس الإدارة على دعمه ومتابعته المستمرة لتحقيق نتائج متميزة لبرامج ومشاريع المركز.

وقد قدمت الدكتورة "فاطمة الرويس" مساعد المدير العام للمركز وثيقة رئيسة في اللقاء التشاوري تناولت نبذة عن النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم (فئة جودة الاستدامة والتربية على المواطنة والقيم الإنسانية المشتركة) والتي تم إقرارها في مؤتمر وزراء التربية والتعليم العرب الرابع عشر المنعقد بالدوحة 5-7 يناير 2025 م بالقرار (اعتماد مخرجات "النموذج العربي للجودة والتميز في التعليم" لمركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم والألكسو، ودعوة الدول العربية إلى تطبيقه، ورفعه إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للترحيب به).
وما تضمنه من معايير ومؤشرات ومقاييس لتفعيل توصية اليونسكو لعام 2030 بشأن التعليم من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة)؛ حيث طرحت الرويس الخلفية النظرية للنموذج ووصفه ومكونات نموذج جودة الاستدامة والتربية على المواطنة والقيم الإنسانية المشتركة وعرضت الدليل التنفيذي للتطبيق.
وقالت "نوريا سانز"، مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي في مصر والسودان ومسؤولة الاتصال مع جامعة الدول العربية: "إن التوصية، عندما نقرأها، هي دعوة إلى العمل، نحن نعمل من أجل التعليم وحقوق الإنسان والسلام، ولنواصل العمل من خلال مبادرات إضافية مثل الهاكاثونات ومعسكرات التدريب واستراتيجيات التواصل، وإدراج شبكة المدن الإبداعية التابعة لليونسكو".
واستعرض المشاركون الدليل الإجرائي لتنفيذ توصية عام 2023، وناقشوا المسودة الأولية لخارطة الطريق الإقليمية التي جرى تطويرها خلال جلسات عمل تشاركية.
كما ركزت المناقشات على أهمية التنسيق المؤسسي وتعزيز آليات المتابعة وإعداد التقارير وتنمية قدرات المعلمين وإدماج قيم الحوار والسلام والاستدامة في مختلف مسارات التعلم.
تعزيز العدالة الاجتماعية في دول المنطقة العربية
ويمثل هذا الاجتماع التشاوري محطة محورية ضمن الجهود الإقليمية لتعزيز التعليم القائم على القيم، وترسيخ نهج شامل ومتعدد المستويات لبناء السلام وتعزيز العدالة الاجتماعية والتماسك والاستدامة في دول المنطقة العربية.
وأكدت اليونسكو التزامها بدعم الدول الأعضاء والشركاء الإقليميين في تنفيذ توصية 2023، وتطوير التعليم كركيزة أساسية لبناء مجتمعات أكثر سلمًا وشمولًا واستدامة.
