آداب المولود في الإسلام.. حلق شعر رأسه يوم السابع من ولادته والتصدق بقيمته
تتواصل سلسلة آداب المولود في الإسلام، حيث حلق شعر رأسه يوم السابع من ولادته والتصدق بقيمته.
حلق شعر رأس المولود يوم السابع من ولادته
وقالت الدكتورة روحية مصطفى الأستاذ بجامعة الأزهر، إن حلقُ شعرِ المولود الذكر سُنّةٌ مستحبّة عند جمهور الفقهاء من المالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة. وذهب الحنفية إلى أنه مباح في حق الغلام والجارية، أو مستحبٌّ لا على جهة السُّنّة ولا الوجوب؛ لأن السُّنّة عندهم مرتبة أعلى من المستحب، بخلاف اصطلاح الجمهور الذين يرون السُّنّة والمستحب مترادفين.
وأما الأنثى فقد ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه مستحب، إذ لا فرق بينها وبين الذكر في هذا الحكم لعموم حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
أما الحنابلة فذهبوا إلى عدم استحباب حلق شعر الأنثى بل كراهته؛ لأن الأحاديث وردت في الغلام دون الجارية، ولأن شعر الأنثى من الزينة المعتادة.
وهذا القول أرجح؛ لعدم ورود نص خاص في الأنثى، ولبقاء شعرها على أصل الزينة.
وأوضحت: يُستحب أن يكون الحلق في اليوم السابع من الولادة، فإن فات ففعله بعد ذلك جائز بلا حرج؛ إذ المقصود إماطة الأذى وإحياء السُّنّة. ويُمنع الحلق إذا ترتب عليه ضرر على رأس المولود عملا بالقاعدة الشرعية «الضرر يُزال». وقد وردت الأحاديث الدالة على استحباب الحلق، ومنها حديث سمرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته، يُذبح عنه يوم سابعه ويُحلق ويُسمّى» أخرجه أبو داود بإسناد صحيح.
ومنها حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم. وإماطة الأذى تشمل حلق الشعر لأنه أول ما يُزال عن المولود.
حكم التصدق بوزن شعر المولود فضة
كما يُستحب التصدّق بوزن الشعر فضة لمن قدر على ذلك، أي بقيمته، لما روى الترمذي عن علي رضي الله عنه أنه قال للنبي ﷺ في شأن الحسن: «احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة» بإسناد حسن. وهذا من الشكر لله على نعمة الولد، ومن أبواب الإحسان إلى الفقراء على جهة التعاون والتكافل، وكل ذلك يُفعل رجاء حصول البركة في المولود، وذكر المالكية أنه عند تعذّر الحلق لأي سبب يُقدّر وزن الشعر وتُدفع قيمته تحقيقا لمعنى السُّنّة وإن فاتت صورتها.
حكمة حلق شعر المولود
وتظهر حكمة الحلق في إماطة الأذى عن رأس المولود وتقوية جلدة الرأس كما ذكر بعض أهل الطب، وإحياء شعيرة نبوية فعلها النبي ﷺ مع أهل بيته، وربط الولد منذ ولادته بمعاني الطهارة والنقاء، وتحقيق مصلحة التصدّق. ويجوز ترك الحلق ولا إثم في ذلك.
وقد نبّه الحافظ ابن حجر العسقلاني عند شرح حديث عائشة رضي الله عنها الوارد في إماطة الأذى، حيث قال: "وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى، ولكن لا يتعين ذلك في حلق الرأس"؛ مما يدل على أن المقصود إزالة الأذى العام عما يعلق برأس المولود من رطوبات وأوساخ، وأن الحلق نوع من تحقيق هذا المقصد وليس الطريق الوحيد، فلا تعارض بين السُّنّة الواردة في حلق الشعر وبين السُّنّة الواردة في إماطة الأذى؛ لأن النبي ﷺ بيّن الوجهين: فمن قدر على الحلق فعله ونال أجر السُّنّة، ومن لم يقدر أو لم يتيسر له الحلق فقد أدّى السنة بإماطة الأذى، وفي كلٍّ خير، والمقصود تحصيل المعنى الشرعي لا التزام صورة واحدة بعينها، وبذلك يتبيّن أن حلق شعر المولود عبادة لها مقاصد روحية وصحية واجتماعية تُفعل عند القدرة وانتفاء الضرر.



