علماء الإسلام والحضارة المصرية: عبقرية عريقة ودروس خالدة
بين الأهرامات والقرآن.. كيف نظر علماء الإسلام إلى حضارة مصر القديمة؟
تعد الحضارة المصرية القديمة من أعظم الحضارات عبر التاريخ، وقد نالت اهتمام علماء المسلمين والعديد من المؤرخين عبر القرون، الذين أبدوا إعجابهم بما وصلت إليه من تقدم في العلوم والفنون والهندسة، وفي الوقت ذاته اعتبروها مصدرا للدروس الأخلاقية والدينية.
فالعالم والمؤرخ ابن خلدون اعتبر مصر مثالا للحضارة القائمة على التنظيم الاجتماعي والزراعة والهندسة المعمارية، مشيرا إلى أن قوتها المادية لم تنفعها في النهاية دون العدل والالتزام الديني.
فرعون مصر
أما القرطبي فقد أشار في تفسيره لقصص فرعون ومصر إلى براعة المصريين في البناء والفن والهندسة، لكنه ربط ذلك بسقوط فرعون نتيجة الطغيان والابتعاد عن هدى الله، مؤكدًا أن القوة المادية وحدها لا تكفي لاستدامة الحضارة.
الجانب الأخلاقي في دراسة الحضارات القديمة
من جانب آخر ركز ابن الجوزي على الجانب الأخلاقي في دراسة الحضارات القديمة، معترًا أن عظمة المصريين في الترف والفنون ينبغي أن تكون عبرة للأجيال، إذ أن الأمم التي تغفل عن الأخلاق والدين سرعان ما تتدهور. كما وصف المقدسي المصريين القدماء بأنهم أمة منظمة ومتقدمة في الزراعة والصناعة والفنون، مشيرًا إلى أن التاريخ مليء بالدروس حول العلاقة بين القوة المادية والهداية الدينية.
الطبري (838–923م)
الطبري المؤرخ والمفسر تحدث عن مصر في سياق القصص القرآني، مثل قصة فرعون وموسى,فأبرز أن المصريين القدماء كانوا أمة متقدمة في الزراعة والبناء، وأن ثروتهم وعظمتهم كانت نتيجة التنظيم والعمل الجماعي، لكنه ربط ذلك بالعبرة الدينية: أن الغطرسة والاستبداد أدت إلى زوال فرعون وعظمته.
ابن حزم الأندلسي (994–1064م)
أما الإمام ابن حزم ذكر الحضارات القديمة عند مقارنته بالأمم الإسلامية، معتبرا المصريين القدماء مثالًا على التقدم المادي والفنون والهندسة، لكنه أكد أن الفضل الحقيقي والخلود مرتبط بالعدل والدين.
الزمخشري (1074–1143م)
والزمخشري في تفسيره للقرآن، وخصوصًا في آيات فرعون، وصف المصريين بأنهم أمة ذات حضارة عظيمة ومعمار متقن، لكنه أكد أن العظمة المادية وحدها لا تقي من العواقب الإلهية إذا أغفل الإنسان التوحيد والعدل.
ابن بطوطة (1304–1369م)
الرحالة الشهير وصف مصر في رحلاته بأنها أرض عظيمة التنظيم والزراعة، ونهرها مصدر قوة البلاد، ولفت الانتباه إلى تراث المصريين القدماء وما خلفوه من آثار ومعالم، معتبرًا أن الحضارة البشرية تتطور بالتجربة والعمل الجماعي.
ابن فارس (918–987م)
لم يكتب بشكل موسع عن الحضارات، لكنه في كتاباته عن اللغة والتاريخ ذكر مصر القديمة كمثال على الأمة المنظمة والمثقفة التي تركت إرثًا هائلًا من المعرفة والفن، مشيرًا إلى أنها كانت محورًا للتاريخ البشري قبل ظهور الإسلام.
فعلماء المسلمين عبر العصور من المؤرخين إلى الفقهاء والرحالة – اعترفوا بعظمة الحضارة المصرية القديمة في الهندسة، الزراعة، الفنون، والتنظيم الاجتماعي، وفي الوقت نفسه رأوا فيها عبرة أخلاقية ودينية حول ضرورة الجمع بين التقدم المادي والالتزام بالقيم الدينية.


