مساجد تاريخية..الجامع الأزهر منارة العلم وقلعة الإسلام في مصر والعالم الإسلامي
الجامع الأزهر أبرز مساجد مصر وأحد أهم المراكز الدينية والتعليمية في العالم الإسلامي، كما يُعد من أقدم الآثار الفاطمية الباقية في البلاد.
أنشئ الجامع في عهد الدولة الفاطمية عقب دخول جوهر الصقلي مصر عام 969م، حيث بدأ تأسيس مدينة القاهرة وبنى الجامع ليكون مسجدها الجامع ومقر صلاة الخليفة المعز لدين الله الفاطمي,و بدأ البناء في جمادى الأولى عام 359هـ (970م)، وأقيمت أول صلاة جمعة به في رمضان عام 361هـ (972م).
معقل للمذهب السني
كان الأزهر في بدايته مركزا لتعليم المذهب الشيعي ,وأصبح لاحقا منبرا لعلوم الدين واللغة بمختلف المذاهب بعد تحوله إلى معقل للمذهب السني في العصور اللاحقة, وقد اختلف المؤرخون في أصل تسميته، والراجح أنه سُمّي بالأزهر تيمنًا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد.
يعتبر الجامع الأزهر ثاني أقدم جامعة في العالم بعد جامعة القرويين في المغرب، وأول مؤسسة تعليمية نظامية في مصر تدرس العلوم الدينية بتكليف من الدولة,و ألقي أول درس فيه عام 365هـ (975م) على يد القاضي علي بن النعمان في فقه الشيعة، ثم خُصصت مرتبات للفقهاء وأقيمت لهم مساكن بجواره.
سقوط الدولة الفاطمية
شهد الأزهر تراجعا بعد سقوط الدولة الفاطمية في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي عطّل الخطبة فيه لمحاربة المذهب الشيعي، قبل أن يعاد افتتاحه في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس. واستعاد الأزهر مكانته في العصر المملوكي، حيث ازدهر دوره العلمي وتوسع بناؤه وتجددت أروقته، فغدا مركزًا رئيسيا لنشر علوم الشريعة والحديث والمذاهب السنية.
وفي العصر الحديث صدر قانون الأزهر رقم 46 لسنة 1930 في عهد الملك فؤاد الأول، وأنشئت بموجبه كليات أصول الدين والشريعة واللغة العربية عام 1933. ثم تحوّل الأزهر رسميًا إلى جامعة مستقلة عام 1961، لتصبح جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني وعلوم الشريعة.
نهضة شاملة
شهد الأزهر في السنوات الأخيرة نهضة شاملة تمثلت في أعمال ترميم وتجديد لمبانيه التاريخية بما يحافظ على طابعه الأثري الفريد، إلى جانب تطوير ساحاته وأروقته لتواكب متطلبات العصر. كما توسعت جامعة الأزهر في إنشاء الكليات الجديدة داخل القاهرة والمحافظات، وأطلقت برامج أكاديمية تجمع بين العلوم الشرعية والحديثة، مع تطبيق التحول الرقمي في نظم التعليم والامتحانات. وتعمل مشيخة الأزهر على تعزيز رسالتها الفكرية من خلال المبادرات الثقافية والحوار بين الأديان ونشر قيم التسامح والاعتدال عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية.
وهكذا يظل الأزهر الشريف منارة علمية وروحية تجمع بين عبق التاريخ وروح التجديد، ومؤسسة راسخة تمتد رسالتها من مصر إلى العالم أجمع، ناشرة قيم الوسطية والعلم والإيمان.


