عاجل

سائل يقول : ماذا أفعل لكي أعرف أن عبادتي مقبولة عند الله؟

العبادات
العبادات

كان اهتمام السلف الصالح بقبول العبادة أشدّ من اهتمامهم بأدائها؛ إذ لا يدري أقبلت منه أم لا؟ فيستولي هَمُّ القَبول على مجامع القلوب؛ مصداقًا لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون: 60].

الأدلة من السنة النبوية 

 فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسول الله، قولُ الله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾، أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله؟ قال: «لَا يا ابْنَة أبي بَكْرٍ -أو: يَا ابْنَةَ الصّدِيقِ-، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَيخافُ أنْ لا يُقْبَل مِنْهُ» رواه الإمام أحمد في “المسند”، والترمذي وابن ماجه في “سننهما”، والحاكم في “المستدرك” وصححه، والبيهقي في “شعب الإيمان”.
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: “كونوا لِقَبول العمل أشدَّ همًّا منكم بالعمل؛ ألم تسمعوا الله يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27]” أخرجه ابن أبي الدنيا في “الإخلاص والنية”.
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول في آخر ليلة من رمضان: “مَن هذا المقبولُ منا فنهنيه؟ ومن هذا المحرومُ المردودُ فنعزيه؟ أيها المقبول هنيئًا هنيئًا! أيها المحرومُ المردودُ جبر الله مصيبتَك!” أخرجه الإمام محمد بن نصر المروزي في “قيام الليل”، وابن الشجري وأبو الفتح المقدسي في “أماليهما”.
وقال عبد العزيزِ بنُ أبي روَّاد: “أدركتُهم يجتهدونَ في العملِ الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهمّ؛ أيقبلُ منهُم أم لا؟” أخرجه ابن أبي الدنيا في “محاسبة النفس”.
وهذا الهمُّ القلبي يُطلِقُ اللسانَ بطلب قبول العبادة؛ فإنَّ اللسانَ ترجمان الجَنان؛ كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِنَّمَا يُعَبِّرُ عَنِ الْقَلْبِ اللِّسَانُ» أخرجه عبد الرزاق في “المصنف”، والطبراني في “مسند الشاميين”، ومن طريقه ابن عساكر في “تاريخ دمشق”، من حديث قبيصة بن ذُؤَيْبٍ رضي الله عنه؛ فإذا شَعُر الإنسان بهَمِّ قبول العبادة فيُعَبِر عن هذا الهم  بطلب القبول من الله تعالى؛ فالله لا يردّ من دعاه.

 

ما حكم الدعاء والذكر بغير المأثور في الصلاة؟

اتفقت المذاهب الفقهية أنه لا يشترط الالتزام بألفاظ الدعاء المأثورة، سواء كانت مأخوذة من القرآن أو السنة، في الصلوات المكتوبة أو النوافل. ويمكن للمصلي أن يدعو بما شاء من حوائج الدنيا والآخرة، مع الأفضلية للدعاء المأثور إذا وافق حضور القلب.

ما حكم الدعاء والذكر بغير المأثور في الصلاة؟

كما استثنى بعض الفقهاء الدعاء بما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها بشكل يحاكي كلام الآدميين، بينما يجوز الدعاء بما يقرب إلى الله من أمور الدنيا والآخرة، بشرط ألا يخالف الشرع. وبهذا المعنى، يجوز الدعاء بأي صيغة تحقّق الخشوع والاتصال بالله، سواء كانت مأثورة أو مُختَرَعة، ما دام مضمونها صالحًا وموافقًا للشريعة.

الأدلة من القرآن والسنة على جواز الدعاء غير المأثور

وردت نصوص عديدة في القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد جواز الدعاء والذكر بألفاظ غير مأثورة. من ذلك قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: 110]

فهذا يبيّن أن الله تعالى يجيز للمؤمن الدعاء بأي من أسماءه الحسنى، سواء أُلفظت صياغة الدعاء مأثورًا أو مُختَرَعًا، ما دام الدعاء خالصًا لله وموافقًا للشريعة.

كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «ثم ليتخَيّر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو»، مما يدل على جواز اختيار المصلي للدعاء بما يشاء من أمور الدنيا والآخرة، حتى لو لم يرد النص بهذا الشكل. وقد روى الصحابة والتابعون العديد من الأمثلة على الدعاء بلفظ غير مأثور، مثل ما فعله علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وأبو الدرداء رضي الله عنهم، ولم يُنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم هذا الفعل بل أقره وأثنى عليه.

تم نسخ الرابط