ما مدى نجاح الاتفاق بين أفغانستان وباكستان بوساطة قطرية تركية؟

يرى خبراء في العلاقات الدولية أن اجتماعات إسطنبول المقررة السبت المقبل، ستكون بمثابة اختبار حقيقي لمتانة الاتفاق الذي أبرم بين باكستان وأفغانستان في الدوحة، ومدى قدرته على معالجة الملفات العالقة التي ظلت تؤجج التوتر بين البلدين خلال السنوات الماضية.
وتأتي في مقدمة تلك الملفات مسألة عدم استخدام أراضي أي من الدولتين كمنطلق لتهديد الأخرى، وعدم دعم أو إيواء جماعات مسلحة، في إشارة واضحة إلى حركة طالبان باكستان التي تمثل مصدر قلق لإسلام أباد، إضافة إلى قضايا التواجد العسكري على الحدود المشتركة، ومستقبل اللاجئين الأفغان المقيمين في باكستان.
وأكد محللون في تصريحات صحفية أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه فجر الأحد في العاصمة القطرية الدوحة، يمثل خطوة إيجابية نحو تجنب اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين البلدين، لكنه لن يحقق أهدافه ما لم تحسم القضايا الخلافية التي كانت سبباً في التصعيد الأخير.

وساطة قطرية تركية لاتفاق باكستان وأفغانستان
وبحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية القطرية، فقد تم التوصل إلى الاتفاق بوساطة تركية قطرية، حيث ينص على الآتي:
- وقف فوري لإطلاق النار
- إنشاء آليات لترسيخ السلام والاستقرار الدائمين بين البلدين
- عقد اجتماعات متابعة لضمان استدامة وقف إطلاق النار
- التحقق من تنفيذه بشكل موثوق ومستمر، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في البلدين.
وأوضح الدبلوماسي الباكستاني السابق جاويد حفيظ أن محادثات الدوحة جاءت في توقيت بالغ الأهمية، وأنها يجب أن تؤسس لتفاهم متبادل قائم على احترام سيادة كل دولة وحقها في إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الدولية.
وأشار حفيظ إلى أن الحدود بين البلدين واضحة ومعترف بها دولياً منذ اتفاقية 1893 التي أبرمت في عهد الإدارة البريطانية، وهو ما ينفي وجود نزاع قانوني حولها، داعياً كابول إلى إدراك أهمية التعايش السلمي مع الجار الباكستاني.
وأضاف أن باكستان لا تسعى إلى المواجهة، بل ترغب في بناء علاقات حسن جوار قائمة على التعاون الاقتصادي، خاصة أن أفغانستان تعتمد بشكل كبير على الأراضي الباكستانية لتصدير واستيراد بضائعها، معربًا عن ثقته في أن السلام سيسود بين البلدين بعد مفاوضات الدوحة، مؤكداً أن أي حرب جديدة في المنطقة ستكون غير مقبولة دولياً وإقليمياً.

من جانبه، قال الخبير في العلاقات الدولية راغب رمالي إن الاتفاق نجح في تهدئة أجواء التوتر التي كانت تنذر بانفجار عسكري وشيك بين كابول وإسلام أباد، لكنه شدد على أن التحدي الحقيقي يكمن في التفاصيل التي سيتم مناقشتها في اجتماعات إسطنبول المقبلة.
وتابع رمالي أن أبرز النقاط التي ستبحث هي ترتيبات التواجد العسكري على الحدود، وهي القضية التي أشعلت الصراع الأخير وأسفرت عن سقوط مئات القتلى، إلى جانب ملف اللاجئين الأفغان الذين يشكلون عبئاً أمنياً واقتصادياً على باكستان، خاصة مع مخاوف من تسلل عناصر مسلحة بين صفوفهم.
وختم بالقول إن نجاح اجتماعات إسطنبول في التوصل إلى حلول عملية لهذه الملفات سيحدد مستقبل العلاقات بين البلدين، ويكشف ما إذا كان اتفاق الدوحة خطوة أولى نحو سلام دائم أم مجرد هدنة مؤقتة لالتقاط الأنفاس.