عاجل

مساجد تاريخية|مسجد السلطان برقوق.. تحفة معمارية تجمع بين روائع الفن الإسلامي

مسجد السلطان برقوق
مسجد السلطان برقوق

يقف مسجد السلطان برقوق في قلب القاهرة التاريخية  شاهدا على عبقرية العمارة الإسلامية وروعة التصميم التركي، ليجسد أولى التحف المعمارية التي شيدت في عهد المماليك الجراكسة، ولا يزال إلى اليوم واحدًا من أبرز المعالم الإسلامية والأثرية في مصر.

بداية التأسيس

أُسس المسجد عام 788 هـ (1386 م) على يد السلطان الظاهر أبو سعيد برقوق، أول سلاطين الدولة البرجية (الجراكسة)، والذي بدأ حياته كمملوك لدى الأمير يلبغا، ثم ترقى في المناصب حتى تولى حكم مصر عام 1382م.

ورأى السلطان برقوق أن المسجد لا يكون مجرد مكان للعبادة فقط، بل أراده مركزا دينيًا متكاملاً؛ فحرص على أن يضم مدرسة لتدريس المذاهب الفقهية الأربعة، وخانقاه للصوفية، بالإضافة إلى قبة ضريحية لتكون مقرًا لدفنه ومن بعده أسرته.

هندسة معمارية فريدة

أشرف على بناء المسجد الأمير جركسي الخليلي، أمير خور، بينما تولى التنفيذ المعماري المهندس ابن الطولوني، الذي أبدع في تصميمه وزخرفته بطريقة غير مسبوقة، تجمع بين الدقة الفنية وروحانيات العمارة الإسلامية التقليدية.

يتّسم المسجد بزخارف غنية تمزج بين الطابعين الإسلامي والتركي، ويُقال إن مهندسي العصر الحديث عجزوا عن تقليد هذا العمل الفني البديع، لما يتسم به من تفاصيل دقيقة ومتانة هندسية فريدة.

إعادة إحياء التراث

تُعد قبة المسجد، الواقعة بجوار المئذنة، من أبرز معالمه، إلا أن القبة الحالية ليست الأصلية؛ فقد تم تجديدها في القرن التاسع عشر استنادًا إلى رسومات لرحّالة أوروبيين. أما القبة الأصلية، فكانت ملساء مصنوعة من الحجارة النحيت وخالية من الزخارف.

وتتميّز المئذنة الحالية بزخارف هندسية أنيقة، من الرخام الأبيض والأسود، بينما يتصدّر المدخل الرئيسي للمسجد سلم حجري ونقوش مملوكية لآيات قرآنية منحوتة بخط بديع.

يضم المسجد قبة ضريحية تحتوي على غرفتي دفن؛ الأولى تضم رفات السلطان برقوق وابنه السلطان الناصر فرج، أما الغرفة الثانية فتحتوي على جثمان زوجته خوند شيرين وإحدى بناته، ما يُضفي على المكان طابعًا تاريخيًا وإنسانيًا بالغ الخصوصية.

منبر فاخر وصحن مهيب

يحتوي صحن المسجد على مساحة مستطيلة مكسوة بالرخام، تتوسطها كتابات قرآنية وتعلوها شرفات مزخرفة بشكل نباتي ثلاثي الفصوص. ويتواجد في الصحن كرسي المصحف، المصنوع من الخشب، والمزيّن بزخارف من العاج على هيئة نجوم هندسية متداخلة.

أما القبلة، فتُقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأوسط منها مغطى بسقف خشبي مذهّب، ويفصله عن الجانبين صفان من الأعمدة الضخمة، ويزين الإيوان الرئيسي محراب رخامي مرصّع بالصدف، بينما الأرضية من الرخام الملوّن برسومات دقيقة. ويُذكر أن المنبر الأصلي فقد خلال العصور، ليستبدل بمنبر آخر أمر بتصميمه السلطان أبو سعيد جقمق في منتصف القرن التاسع الهجري.

ويعد الإيوان الشمالي الغربي بمثابة مسجد صغير مستطيل الشكل، أرضيته مرتفعة مغطاة ببلاط حجري متنوع المقاسات، أما الإيوان الجنوبي، فهو على شكل مربع، بسقف خشبي ثلاثي الأجزاء، تزيّنه زخارف نباتية وكتابات قرآنية، بالإضافة إلى مجموعة من الفسقيات التي كانت تُستخدم للوضوء وتبريد الجو.

تم نسخ الرابط