عاجل

مساجد تاريخية| أحمد بن طولون.. شاهد على عبق التاريخ وروعة العمارة الإسلامية

مسجد أحمد بن طولون
مسجد أحمد بن طولون

يعد مسجد أحمد بن طولون أحد أقدم المساجد الباقية في مصر والعالم الإسلامي على حالته الأصلية تقريبًا، وهو تحفة معمارية فريدة تجسد عبقرية العمارة الإسلامية في القرن الثالث الهجري.

 يقع المسجد في حي السيدة زينب بالقاهرة، فوق جبل يشكر الذي ارتبطت به أساطير وروايات تاريخية، ويُعد من أهم المعالم الأثرية التي تروي فصولًا من تاريخ مصر الإسلامية.

تاريخ التأسيس 

أمر ببناء المسجد أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر، والذي تولى الحكم سنة 254هـ / 868م، رغبةً في إنشاء مسجد جامع يجمع بين الفخامة المعمارية والرحابة التي تستوعب جموع المصلين. بدأ تشييده عام 263هـ / 876م، واستغرق بناؤه نحو ثلاث سنوات، ليُفتتح عام 265هـ / 879م.

وبُني المسجد ليكون مركزًا للعبادة والعلم والإدارة في العاصمة الجديدة "القطائع"، التي أسسها ابن طولون لتكون مقر حكمه بعيدًا عن العباسيين في سامراء.

الطراز المعماري وأسرار التصميم

يتميّز المسجد بطراز معماري مستوحى من العمارة العباسية، وخاصة الطراز السامرائي، حيث استخدمت الطوب الأحمر بدلًا من الحجر، وهي سمة نادرة في مساجد مصر القديمة.

وتبلغ مساحة المسجد نحو 26 ألف متر مربع، ويحيط به سور ضخم تتوسطه صحن واسع مكشوف، يحيط به من كل جانب أروقة مغطاة بعقود مدببة تستند إلى أعمدة ضخمة.

ومن أبرز معالمه المئذنة الحلزونية الفريدة، التي تشبه مئذنة سامراء الشهيرة، وتعد أول مئذنة لولبية في مصر. يقال إن ابن طولون صعدها على ظهر جواده أثناء تفقده البناء، وهو ما يعكس رحابة تصميمها ودقة تنفيذها.

الزخارف والكتابات

يخلو المسجد من الزخارف المفرطة، التزامًا بروح الزهد التي اتسم بها العصر الطولوني، لكنه يزدان بنقوش كوفية هندسية رصينة على الإفريز المحيط بجدرانه الداخلية، فضلًا عن المحراب الذي أضيف في العهد المملوكي، ليجمع المسجد بين لمسات من عصور مختلفة.

المسجد عبر العصور

مرّ مسجد أحمد بن طولون بمحطات متعددة من الترميم والإحياء؛ فبعد أن تدهورت حالته في فترات لاحقة، تولى اللورد كرومر الإشراف على ترميمه في القرن التاسع عشر، ثم خضع لعمليات ترميم دقيقة على يد لجنة حفظ الآثار العربية، لتعيد إليه بهاءه المعماري.

واليوم يعد المسجد مقصدًا للزائرين من داخل مصر وخارجها، وموقعًا أثريًا بارزًا يضم متحفًا صغيرًا داخل بيت الكريتلية المجاور له، مما يجعله شاهدًا حيًّا على عراقة القاهرة الإسلامية.

تم نسخ الرابط