عاجل

هل يشترط لسجود التلاوة أن أكون على وضوء .. وماذا يقال فيه؟

سجود التلاوة
سجود التلاوة

سجود التلاوة في مواضعه من القرآن الكريم سُنّة مؤكدة يُستحب أداؤها للقارئ والمستمع، فينال فاعلها الأجر ولا يُلام من تركها، ويُشترط لأدائها الطهارة من الحدث. أما من لم يتمكن من السجود لعذر، فله أن يُعظّم الله بالذكر، فيقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

الحكمة من مشروعية سجود التلاوة


شرع الله سبحانه وتعالى سجود التلاوة تعبيرًا عن تمام الخضوع له جل شأنه، وذلك عند تلاوة المسلم أو استماعه لآيةٍ تتضمن الدعوة إلى السجود أو الإخبار عن سجود المخلوقات لله تعالى، وهو في حقّ القارئ آكد منه في حقّ المستمع.

هيئة سجود التلاوة


يُسنّ لمن قرأ أو سمع آية سجدة أن يُكبّر ويسجد مباشرة من قيام أو قعود دون ركوع، ثم يرفع مكبّرًا من غير تشهدٍ أو تسليم.

دليل مشروعية سجود التلاوة


ثبتت مشروعية سجود التلاوة بالكتاب والسنة، قال تعالى:
﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۞ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾ [الانشقاق: 20-21]، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء: 107]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ؛ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» (رواه مسلم).

آيات سجود التلاوة


مواضع السجود في القرآن الكريم توقيفية، عُرفت بتوقيف النبي ﷺ نصًا أو فعلًا، وتابع الصحابة رضوان الله عليهم ذلك، وقد ميّزها الله تعالى للأمة بعلامات واضحة في المصحف الشريف.

طرق معرفة مواضع السجود


• عن طريق النصّ النبوي: كحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي ﷺ أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها سجدتان في سورة الحج (رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم).
• وعن طريق الفعل النبوي: كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله ﷺ يقرأ علينا السورة التي فيها السجدة، فيسجد ونسجد” (رواه البخاري).

وقد أُضيف السجود إلى التلاوة لأن التلاوة هي السبب في حصوله، بخلاف السماع الذي قد يختلف حكمه، إذ التلاوة أصلٌ والسماع فرع عنها.

حكم سجود التلاوة


اتفق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على أن سجود التلاوة سنة مؤكدة في الصلاة وخارجها، وهو مروي عن كبار الصحابة كعمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وسلمان الفارسي، وغيرهم رضي الله عنهم.
واستدلوا بما رُوي أن عمر رضي الله عنه قرأ على المنبر آية سجدة، فسجد وسجد الناس، ثم قال في الجمعة التالية: “من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه” (رواه البخاري).

آراء الفقهاء في شروط سجود التلاوة

سجود التلاوة في مواضعه من القرآن الكريم سُنّة مؤكدة يُستحب أداؤها للقارئ والمستمع، فينال فاعلها الأجر ولا يُلام من تركها، ويُشترط لأدائها الطهارة من الحدث ذهب جمهور العلماء من المذاهب الأربعة إلى اشتراط ما يُشترط للصلاة من طهارةٍ وستر العورة واستقبال القبلة والنية؛ لأنه في معنى الصلاة.
واستدلوا بقول ابن عمر رضي الله عنهما: “لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر” (رواه مالك والبيهقي).

فقال:
• البابرتي الحنفي: “شرطها الطهارة من الحدث والخبث واستقبال القبلة وستر العورة”.
• القرطبي المالكي: “لا خلاف أن سجود التلاوة يحتاج لما تحتاجه الصلاة من طهارة ونية واستقبال”.
• الشيرازي الشافعي: “سجود التلاوة حكمه حكم صلاة النفل، فيشترط له ما يُشترط لها”.
• ابن قدامة الحنبلي: “يُشترط للسجود ما يُشترط لصلاة النافلة من الطهارة واستقبال القبلة والنية”.

القول بعدم اشتراط الطهارة


خالف بعض العلماء الجمهور، فقالوا بعدم وجوب الطهارة لسجود التلاوة، ومنهم ابن حزم، وابن تيمية، والشوكاني، مستدلين بأحاديث منها أن ابن عمر رضي الله عنه “كان يسجد على غير وضوء” (رواه ابن أبي شيبة)، وبأن السجود ليس صلاةً كاملة لعدم اشتماله على ركوعٍ وقيام.
لكن جمهور العلماء أجابوا بأن هذا كان في حال الضرورة أو المشقة، وأن الأصل اشتراط الطهارة تعظيمًا لشأن السجود.

من لم يستطع السجود


من تعذر عليه السجود لعذر، فله أن يسبّح الله تعالى بدلًا عنه، فيقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وقد نص الفقهاء على أن هذا الذكر يقوم مقام السجود لمن لم يتمكن من أدائه.

سجود التلاوة عبادةٌ عظيمةٌ تُظهر خضوع العبد لربه، وهو سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، يُستحب للمسلم المحافظة عليها كلما مرّ بآية سجدة في تلاوته أو سماعه، فإن لم يستطع السجود فليُعظّم الله بذكره، إذ القصد الأعظم من المشروع هو تعظيم الله جل جلاله في كل حال.

تم نسخ الرابط