ما حكم الاستفادة من خبرات غير المسلمين والاقتداء بنجاحهم في مجالات العمل؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا حرج شرعًا في الاستفادة من خبرات غير المسلمين في مجالات الحياة المختلفة، بل إن النظر إلى النجاحات الإنسانية، والثناء عليها، والاقتداء بها، أمرٌ محمودٌ دينيًّا وإنسانيًّا، ما دام الهدف هو الإفادة والتبادل المعرفي والخبراتي في إطار من التعاون والاحترام المتبادل.

حكم الاستفادة من خبرات غير المسلمين

جاء ذلك ردًا على سؤال تلقته حول جواز الاقتداء بغير المسلم في مجال عمله، والثناء عليه، والرغبة في أن يصبح الشخص مثله في تفوقه المهني، حيث أجابت الدار بأن هذا لا يتعارض مطلقًا مع مبدأ "الولاء والبراء" كما يظن البعض، بل إن الشريعة الإسلامية تدعو إلى الإنصاف والعدل والتعايش بين الناس، بغض النظر عن دياناتهم أو خلفياتهم الثقافية.

وأوضحت الدار أن الشريعة الغراء تدعم التعايش السلمي والتعارف والتعاون في الخير بين أبناء الإنسانية كافة، مستشهدة بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ... لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13]، كما أشارت إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على عدالة النجاشي قبل إسلامه، واستأجر دليلًا غير مسلم أثناء الهجرة، واستفاد من علوم الفرس والروم، وهو ما يدل على مشروعية الاستفادة من كل ما هو نافع، بصرف النظر عن مصدره.

الانفتاح على العالم والولاء للدين

وأضافت الدار أن الولاء للدين لا يتعارض مع الانفتاح على العالم وتبادل الخبرات، ولا يعني أبدًا رفض الاعتراف بتميز الآخرين في تخصصاتهم. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها»، وهو حديث واضح في دعوته إلى طلب الحكمة والمعرفة من أي مصدر كان، طالما أنها تحقق الخير للناس.

وأشارت دار الإفتاء إلى أن هذا النهج يدعمه أيضًا التاريخ الإسلامي، حيث حرص المسلمون على ترجمة علوم الأمم السابقة والاستفادة منها، وهو ما يعزز مفهوم التواصل الحضاري الذي دعا إليه الإسلام.

وفي السياق نفسه، لفتت الدار إلى أن الدولة المصرية تشجع أبناءها على تبادل الخبرات والعلوم مع مختلف دول العالم، من خلال البعثات والمنح الدراسية، وذلك بهدف اكتساب المهارات والتقنيات الحديثة في المجالات التطبيقية والبحثية، وهو ما أقره قانون تنظيم البعثات رقم 149 لسنة 2020.

وفي ختام بيانها، أكدت دار الإفتاء أن الثناء على إتقان غير المسلم لعمله، بل والاقتداء به في الجوانب النافعة من حياته المهنية، لا يتعارض مع ثوابت العقيدة، بل هو سلوك محمود يدل على انفتاح العقل المسلم على الخير أينما كان، مع المحافظة في الوقت نفسه على ثوابته الدينية وهويته الثقافية.