عاجل

وداعًا للمضاعفات.. دراسة حديثة تبشر بعلاج آمن وفعال للفيروس المضخم للخلايا CMV

الفيروس المضخم للخلايا
الفيروس المضخم للخلايا

كشفت دراسة علمية حديثة نشرت في مجلة Science Advances عن علاج مبتكر لعلاج مرضى الفيروس المضخم للخلايا (CMV) باستخدام الأجسام المضادة ثنائية التخصص، هذا الفيروس الذي يصيب معظم البشر في مرحلة من حياتهم عادة ما يبقى صامتًا دون أعراض، لكنه قد يتحول إلى قاتل صامت بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة مثل مرضى زراعة الأعضاء والمصابين بضعف المناعة.

الفيروس المضخم للخلايا
الفيروس المضخم للخلايا

ورغم أن العلاجات المتوفرة حاليًا تعتمد على مضادات الفيروسات، إلا أنها لا تحقق سوى سيطرة جزئية، وغالبًا ما ترتبط بآثار جانبية سامة، وهو ما يجعل الحاجة ملحّة لتطوير علاجات أكثر أمانًا وفعالية، وهنا يبرز الاكتشاف الجديد الذي يعتمد على تسخير الجهاز المناعي نفسه.

CMV.. الفيروس الذي يختبئ في صمت

يعتبر الفيروس المضخم للخلايا واحدًا من الفيروسات الشائعة عالميًا، حيث تشير التقديرات إلى أن معظم الناس يتعرضون له في مرحلة ما من حياتهم، في الغالب يظل الفيروس في حالة خمول داخل الجسم، دون أن يسبب أعراضًا خطيرة، لكن الوضع يختلف تمامًا لدى فئات بعينها:

  • مرضى زراعة الأعضاء.
  • مرضى السرطان الذين يتلقون علاجات مثبطة للمناعة.
  • المصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV).

بالنسبة لهذه الفئات، يتحول CMV إلى تهديد حقيقي، حيث يؤدي إلى مضاعفات قد تصل للفشل العضوي أو الوفاة، وتشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من ثلث مرضى زراعة الأعضاء يعانون من مضاعفات مرتبطة بهذا الفيروس.

الأدوية الحالية.. حل محدود وآثار جانبية قاسية

تعتمد بروتوكولات العلاج الحالية على مضادات الفيروسات مثل "غانسيكلوفير" و"فالجانسكلوفير"، التي يمكنها تقليل الحمل الفيروسي مؤقتًا، لكن مشكلتها تكمن في:

  • آثار جانبية مثل تسمم نخاع العظم.
الفيروس المضخم للخلايا
الفيروس المضخم للخلايا
  • فقدان الفعالية مع الاستخدام الطويل.
  • عدم قدرتها على القضاء التام على الفيروس.

وبالتالي تبقى الحاجة قائمة لعلاج ثوري يتجاوز هذه القيود.

الأجسام المضادة ثنائية التخصص.. كيف تعمل؟

الابتكار الجديد يعتمد على ما يعرف بـ"الأجسام المضادة ثنائية التخصص" (Bispecific Antibodies)، وهي بروتينات مصممة بذكاء لتستطيع الارتباط بهدفين في آن واحد:

الذراع الأولى ترتبط بالبروتينات الفيروسية التي تظهر على سطح الخلية المصابة بالـCMV.

الذراع الثانية ترتبط بخلايا T المناعية، التي تعد خط الدفاع الرئيسي ضد الأجسام الغريبة.

بهذه الطريقة، تعمل الأجسام كجسر يقرّب الخلية المناعية من الخلية المصابة، ما يؤدي إلى تنشيط الخلايا المناعية بشكل طبيعي للقضاء على الخلية المريضة بدقة عالية.

الميزة الجوهرية في هذه المقاربة أنها لا تحتاج إلى هندسة معقدة أو تعديلات جينية للخلايا المناعية كما يحدث في علاجات مثل CAR-T، بل تعتمد على الجهاز المناعي الطبيعي للمريض، مما يجعل العلاج أكثر بساطة وقابلية للتطبيق على نطاق واسع.

نتائج التجارب الأولية

الدراسة أوضحت أن الأجسام المضادة ثنائية التخصص نجحت في:

  • تقليل الحمل الفيروسي بشكل ملحوظ في النماذج الحيوانية.
  • حماية الأعضاء من التلف الناتج عن نشاط الفيروس.
  • توجيه الخلايا المناعية بدقة نحو الخلايا المصابة دون التأثير على الخلايا السليمة.

هذا الجانب الأخير يعد بالغ الأهمية، إذ أن أحد أكبر مخاطر العلاجات المناعية هو فقدان السيطرة على الاستجابة المناعية، ما قد يؤدي إلى "هجوم مناعي ذاتي" على أنسجة الجسم السليمة.

أهمية خاصة لمرضى زراعة الأعضاء

يعد الفيروس المضخم للخلايا من أخطر التحديات التي تواجه مرضى زراعة الأعضاء، حيث يؤدي إلى فشل العملية أو تدمير العضو المزروع، وفي ظل اعتماد هؤلاء المرضى على أدوية مثبطة للمناعة، يكون الجسم عاجزًا عن مقاومة الفيروس.

الفيروس المضخم للخلايا
الفيروس المضخم للخلايا

العلاج الجديد قد يوفر حلًا جذريًا لهذه المعضلة، لأنه يعيد تسليح الجهاز المناعي للمريض ذاته بطريقة موجهة ودقيقة، مما يقلل من خطر الفشل ويحسن معدلات النجاح في عمليات الزرع.

من الفيروسات إلى السرطان

أحد الجوانب المثيرة هو أن هذه التقنية لا تنحصر في علاج CMV فقط، بل يمكن تكييفها لاستهداف:

  • فيروس إبشتاين-بار (EBV).
  • فيروسات الكبد المزمنة.

بعض أنواع السرطان التي تستخدم آليات مشابهة للهروب من الجهاز المناعي.

الميزة الإضافية أنها قابلة للتصنيع بكميات كبيرة، وتخزينها مثل أي دواء بيولوجي تقليدي، مما يجعلها متاحة على نطاق عالمي، بخلاف العلاجات الشخصية التي تحتاج لأسابيع من التحضير لكل مريض.

التحديات أمام التطبيق السريري

رغم النتائج المبشرة، هناك عقبات يجب تجاوزها:

  • تعقيد عملية التصنيع مقارنة بالأجسام المضادة التقليدية.
  • ضرورة ضمان ثبات البروتينات داخل الجسم على المدى الطويل.
  • احتمالية تحور الفيروس ومراوغته للعلاج.
  • الحاجة إلى دمج العلاج مع أدوية أخرى أو لقاحات لزيادة الفاعلية.

إضافة إلى ذلك، فإن التجارب السريرية البشرية لا بد أن تثبت أمان العلاج على نطاق واسع قبل اعتماده كخيار علاجي رسمي.

تم نسخ الرابط