عاجل

هل يجوز زيارة القبور للمرأة الحائض؟.. حكمها وضوابطها الشرعية

زيارة القبور للحائض
زيارة القبور للحائض

هل يجوز زيارة القبور للمرأة الحائض؟، من الأسئلة التي يكثر البحث عن جوابها ونرصده في التقرير التالي.

حكم زيارة القبور للرجال والنساء

تقول دار الإفتاء: استحبَّ الشرع الشريف زيارة القبور ورغَّب إليها؛ لأنَّها تُذَكِرُ الإنسان الموت والآخرة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «زُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ» رواه الإمامان أحمدُ ومسلمٌ وأصحابُ "السُنن".

قال العلَّامة المُناوي في "فيض القدير": [ليس للقلوب -سيَّما القاسية- أنفعُ من زيارةِ القبور؛ فزيارتها وذكر الموت يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي ويذهب الفرح بالدنيا ويهون المصائب، وزيارة القبور تبلغ في دفع رين القلب واستحكام دواعي الذنب ما لا يبلغه غيرها].

وعن ابن بريدة عن أبيه رضى الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «نهيْتكمْ عنْ زيارة الْقبور، فزوروها؛ فإنّ في زيارتها تذْكرة» رواه أبو داود والبيهقي في "سننهما".

وعن عبد الله بن أبي مليكة، أن عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها: يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: "نعم، كان قد نهى، ثم أمر بزيارتها" رواه ابن ماجه في "السنن"، وأبو يعلى في "المُسند"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة تبكي عند قبرٍ، فقال: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي» قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» متفق عليه.

والأمر بإباحة زيارة القبور هو على عمومه يستوي فيه الرجال والنساء، على ما عليه جماهير الفقهاء، ولا دليل على تخصيصه بالرجال: قال العلَّامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" بعد ذكر الخلاف في الزيارة: [وحاصله: أنَّ محل الرخص لهن إذا كانت الزيارة على وجه ليس فيه فتنة، والأصح: أنَّ الرخصةَ ثابتةٌ للرجال والنساء؛ لأنَّ السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها كانت تزور قبر حمزة رضي الله عنه كل جمعة، وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها تزور قبر أخيها عبد الرحمن رضي الله عنه بمكة].

وقال العلَّامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل": [فدخل في عموم ذلك الرجال والنساء، وما روي من أنَّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لعن زوَّارات القبور، معناه عند أهل العلم: أنَّ ذلك كان قبل أن يرخص في ذلك، فلما رخص فيه دخل في الرخصة النساء مع الرجال.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي في "فتح الباري": [ويؤيد الجواز حديث الباب -يعني حديث أنس بن مالك رضي الله عنه السَّابق إيراده-، وموضع الدلالة منه: أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حُجَّة، وممن حمل الإذن على عمومه للرجال والنساء: عائشة رضي الله عنها]

ضوابط زيارة المرأة الحائض

وقد بينت الدكتورة روحية مصطفى الاستاذ بجامعة الأزهر ضوابط زيارة المرأة الحائض قائلة: 

أولا : زيارة القبور أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجال والنساء، لأنها ترقق القلب ،وتذكر بالآخرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر بالآخرة." رواه مسلم.

كما ثبت إذن النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وتعليمها الدعاء إذا زارت القبور "قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون" (مسلم ).

ثانياً: يشترط لجواز الزيارة عدة ضوابط شرعيه منها : ألا يترتب عليها ارتكاب معصية كشق الجيوب ولطم الخدود ، وكذا ألا يترتب عليها تضييع حق للزوج والأولاد ، ويجب على المرأة أن تلتزم بالضوابط الشرعية في الخروج من البيت من حيث الملبس، والمشي، والحديث، وألا تُكثر وتبالغ في الزيارة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور أي كثيرات الزيارة، لأن كثرة خروج المرأة من بيتها بغير ضرورة يترتب عليه تضييع حقوق الزوج والأولاد ، ولذا كانت صلاتها في بيتها خير من صلاتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا التزمت المرأة بالضوابط الشرعية جاز لها زيارة القبور ، ولا يشترط لها أن تكون على طهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر ، وعليه فلا حرج شرعاً للمرأة الحائض أن تزور القبر .

آداب زيارة القبور للمرأة الحائض

رغم جواز زيارة القبور للمرأة الحائض، إلا أن الشريعة الإسلامية حثت على التزام بعض الآداب لضمان أن الزيارة تكون في إطارها الشرعي والروحاني السليم. ومن أهم هذه الآداب:

1. الاحتشام في اللباس والمظهر:
يجب أن تحرص المرأة على ارتداء ملابس محتشمة ومناسبة أثناء زيارة القبور، وأن تتجنب أي تصرفات قد تثير الانتباه أو تسبب فتنًا. فالحشمة جزء أساسي من الآداب الإسلامية التي يجب مراعاتها في جميع المواقف.

2. تجنب التزاحم مع الرجال:
يُفضل أن تتم الزيارة في أوقات لا تتسبب في اختلاط أو تزاحم مع الرجال. هذا الأمر يهدف إلى الحفاظ على الحدود الشرعية والابتعاد عن أي مواقف قد تؤدي إلى محرمات شرعية، مثل مخالفة الأدب والاحترام.

3. الابتعاد عن النياحة أو الصراخ:
في زيارة القبور، ينبغي على الزائرين، سواء كانوا رجالًا أو نساءً، تجنب النياحة أو رفع الصوت بالبكاء المفرط. يُعتبر هذا سلوكًا مرفوضًا في الإسلام، حيث يُحث المسلمون على التحلي بالصبر والتسليم لقضاء الله وقدره.

4. الدعاء للمتوفى والتذكر بالآخرة:
الغرض الأساسي من زيارة القبور هو الدعاء للمتوفى، والتذكر بالموت والآخرة، والتأكيد على أهمية التوبة والعمل الصالح. يُفضل أن تكون الزيارة مخصصة للتأمل في الآخرة والدعاء للمتوفى بالرحمة والمغفرة.

تم نسخ الرابط