المستشار طاهر الخولي:عودة قانون الإجراءات الجنائية يشير لوجود لبس في بعض مواده

قال المستشار طاهر الخولي، المحامي بالنقض ، تعليقاً علي قرار الرئاسة بإعادة مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب مرة ثانية، إن اعادة المشروع تشير إلى وجود لبس في بعض مواد ونصوص مشروع القانون مما قد يفتح الباب واسعًا للجدل القضائي أمام المحاكم.
قانون الإجراءات الجنائية
وأضاف "الخولي" في تصريح صحفي، أن إعادة مشروع القانون هنا ليست مجرد إجراء شكلي، بل قرار صريح عن أن بناء التشريع لا يقبل التسرع أو التساهل وأن العدالة لا تستقيم إلا بقانون متماسك يحترم الدستور ويغلق كافة أبواب الطعن والجدل أمام القوانين الجديدة.
ولفت إلى أنه لابد أن يخرج قانون الإجراءات الجنائية في صورة متوافقة مع أحكام الدستور، محصّنة من أي عوار دستوري قد يربك مسار العدالة في مصر .
ونوه أن هذه المراجعة تعكس إدراكاً عميقاً بأن تحديث منظومة الإجراءات الجنائية لم يعُد رفاهية بل حجر الأساس لتحقيق عدالة ناجزة تليق بمكانة مصر القانونية إقليميًا ودوليًا.
وكشف مجلس النواب عن تلقيه رسميًا كتاب من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بشأن الاعتراض على عدد من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، عملًا بحكم المادة (123) من الدستور.
أول تعليق من مجلس النواب على رد الرئيس للقانون
وأوضح مجلس النواب أن كتاب يفيض بحسّ وطني عميق، وبصيرة دستورية نافذة، وحرص صادق على أن يظل البناء التشريعي في مصر قائمًا على أسس متينة من الوضوح والإحكام والتوازن، فلا يغلب فيه جانب على آخر، ولا تطغى فيه مقتضيات العدالة الناجزة على ضمانات الحرية.
وأبدى ترحيبه ترحيبًا عظيمًا بهذا التوجيه الرئاسي ، ليؤكد أن ما تفضّل به الرئيس يمثل أرقى صور ممارسة الصلاحيات الدستورية، ويعكس وعيًا استثنائيًا بقدسية العدالة الجنائية ومكانتها في صون السلم العام وحماية المجتمع.
وأوضح أن ما عبّر عنه الرئيس السيسي في رسالته لم يكن مجرد ممارسة لحق دستوري مقرر، وإنما هو تجسيد حيّ لنهج سياسي راسخ، يقوم على الانحياز المطلق لدولة القانون، والإيمان العميق بأن حماية الحقوق والحريات ليست منّة تُمنح، وإنما هي التزام دستوري أصيل، وأن العدالة لا تستقيم إلا إذا اقترنت باليقين والوضوح والإنصاف. وهذه هي عين الفلسفة التي التزم بها مجلس النواب في مناقشاته للمشروع، غير أن عودة السيد الرئيس بهذا الاعتراض الرشيد تضيف بُعدًا آخر من الدقة والاكتمال.
وثمن مجلس النواب هذا الموقف البالغ الدلالة، يرى فيه إعلاءً لقيمة الحوار بين المؤسسات، وتجسيدًا للشراكة الرفيعة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية، حيث تتلاقى الإرادات جميعها على تحقيق مصلحة الوطن، وصيانة حقوق الشعب، وترسيخ هيبة الدستور والقانون.
مجلس النواب يعلن مناقشة القانون في أول جلسة
ومن هذا المنطلق، وإعمالاً لحكم المادة (177/ فقرة 3) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالقانون رقم (1) لسنة 2016، والتي تنص على أن: "وفي حالة اعتراض رئيس الجمهورية، يعقد المجلس جلسة عاجلة لهذا الغرض، ويجوز له أن يدعو رئيس مجلس الوزراء للإدلاء ببيان في هذا الشأن. ويحيل المجلس الاعتراض والبيانات المتعلقة به في ذات الجلسة إلى اللجنة العامة لدراسة المشروع المعترض عليه، والمبادئ والنصوص محل الاعتراض وأسبابه الدستورية أو التشريعية بحسب الأحوال."، والمادة (274/ فقرة 1) من اللائحة الداخلية ذاتها، والتي تنص على أن:" يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر..".
فقد تقرر إدراج الاعتراض الوارد في رسالة الرئيس السيسي في أول جلسة عادية لمجلس النواب بدور الانعقاد العادي السادس من الفصل التشريعي الثاني، وذلك يوم الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر سنة 2025، ودعوة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، للإدلاء ببيان في هذا الشأن؛ بما يضمن إعادة النظر في المواد محل الاعتراض، وبما يليق بعزيمة مصر على أن يكون قانونها الجنائي الجديد نموذجًا يُحتذى في الدقة التشريعية، وصون حقوق الإنسان، وترسيخ منظومة عدالة جنائية متكاملة تكفل سيادة القانون وصون الحقوق.
واختتم مجلس النواب بيانه قائلًا: “حفظ الله مصر، وأدام على شعبها نعمة الأمن والاستقرار، ووفقنا جميعًا لما فيه خير البلاد والعباد”.