بتراقب جوزها.. ما حكم تجسس الزوجين على بعضهما عبر وسائل الاتصال الحديثة؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن تجسس أحد الزوجين على الآخر عبر وسائل الاتصال الحديثة أو تتبع عوراته أمر محرم شرعًا، مشددة على أن الأصل في العلاقة الزوجية قائم على الثقة المتبادلة والمودة والرحمة، لا على الشكوك والاتهامات. وأوضحت الدار أن ما يطرأ أحيانًا من غيرة زائدة أو ظنون لا مبرر لها قد يدفع بعض الأزواج أو الزوجات للتفتيش في الهواتف أو المراسلات الخاصة، وهو سلوك مخالف لأوامر الشرع ومنافٍ لأخلاق الإسلام.
ما حكم تجسس الزوجين على بعضهما عبر وسائل الاتصال الحديثة؟
وأشارت الدار إلى أن القرآن الكريم نهى عن سوء الظن والتجسس، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12]، كما وردت أحاديث نبوية صريحة تحذر من هذا المسلك، منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا…» متفق عليه.
وبيّنت دار الإفتاء أن التجسس بين الزوجين أشد حرمة نظرًا لقداسة عقد النكاح الذي وصفه القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، مشددة على أن الاطلاع على أسرار الآخر أو تفتيش متعلقاته الخاصة يُعد انتهاكًا لحرمة الحياة الزوجية، وسببًا رئيسًا في إفساد المودة والرحمة بين الطرفين. وأضافت أن الشرع الشريف أمر بحسن العشرة بالمعروف، وأن علاقة الزوجية لا تستقيم إلا بالسماحة وغض الطرف عن الهفوات، لا بالشكوك والتربص.
القوامة الشرعية للرجل لا تعني السيطرة أو التجسس
كما أوضحت الدار أن عقد الزواج لا يمنح أيًا من الطرفين الحق في اختراق خصوصية الآخر، فالقوامة الشرعية للرجل لا تعني السيطرة أو التجسس، وإنما تعني الرعاية بالحكمة والنصح والإرشاد، كما أن غيرة المرأة على زوجها لا تبرر لها التفتيش في خصوصياته. وأكدت أن من يقوم بمثل هذه الأفعال يفتح الباب أمام الشيطان للتفريق بين الزوجين، ويعرض حياته الزوجية للتوتر والانهيار.
ولفتت دار الإفتاء إلى أن للزوج حقًّا على زوجته في ألا تُدخل بيته أحدًا بغير إذنه، كما أن لها عليه حق الرعاية والاحترام وصيانة كرامتها، وهو ما يستلزم أن تُبنى العلاقة بينهما على الصراحة والاحترام المتبادل لا على الشك والتتبع. فإن راود أحد الزوجين الشك تجاه الآخر، فالواجب أن يلجأ إلى المصارحة الهادفة إلى الإصلاح والنصح، لا إلى انتهاك الخصوصيات أو التجسس المحرم.
واختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن: «تجسسَ أحد الزوجين على الآخر أو تتبع عوراته حرام شرعًا، والواجب على كلٍّ منهما رعايةُ حق الآخر وإحسانُ الظن به والتعاونُ على البر والتقوى، ومن ثارت في نفسه شكوك فعليه معالجة الأمر بالصراحة والنصح، التزامًا بقول الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾».