ما حكم اشتراط التأمين على الحياة لضمان القرض.. الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال حول حكم اشتراط التأمين على الحياة لضمان القرض المقدم من الشركات بدون فوائد. إذ يشترط بعض أصحاب القروض على المقترض أن يقوم بالتأمين على حياته لضمان سداد القرض في حال وفاته قبل تسديد المبلغ بالكامل. وجاء الرد من الدار ليؤكد أن هذا الشرط جائز شرعًا ولا حرج فيه.
و حول حكم اشتراط التأمين على الحياة لضمان القرض فقد أوضحت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية تولي أهمية كبيرة لحفظ حقوق الأفراد وحمايتها من الضياع أو الإنكار. من أبرز المبادئ التي تميز المعاملات المالية في الإسلام هو ضمان حقوق الأطراف المعنية، وهو ما يعزز العدل ويساهم في استقرار المجتمع. ولهذا السبب، نرى أن الشريعة سمحت بالعديد من العقود التي تضمن حقوق الأطراف، مثل "الضمان" و"الرهن"، وذلك بشكل يتكيف مع مختلف المعاملات المالية.
فالضمان (أو الكفالة) هو تعهد بتسديد دين أو تنفيذ التزام على شخص آخر في حال تعذر عليه الوفاء به. أما الرهن فيقوم على حجز مال معين كوثيقة لضمان سداد الدين في حال تعثر المدين. وقد وردت عدة آيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد مشروعية هذه العقود، مثل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: 283]، كما رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند يهودي، مما يوضح مشروعية الرهن والضمان في الإسلام.
المقصود بالتأمين
في الواقعة المطروحة، يتعلق الأمر بالتأمين على الحياة، وهو نوع من التأمين يستخدم كضمان لحصول المقرض على حقه في حال حدوث وفاة المقترض قبل سداد القرض. وقد عرف القانون المدني المصري التأمين على الحياة بأنه "عقد يلتزم المؤمّن بمقتضاه أن يؤدي مبلغًا من المال للمستفيد في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد". ويهدف هذا النوع من التأمين إلى تأمين حق المقرض في حال حدوث طارئ لا يستطيع فيه المقترض الوفاء بقسط القرض المتبقي.
حكم اشتراط التأمين على الحياة لضمان القرض
وفقًا للفتوى التي صدرت عن دار الإفتاء، فإن اشتراط التأمين على الحياة لضمان سداد القرض يعد أمرًا جائزًا شرعًا. وقد تم توضيح أن التأمين على الحياة هنا لا يعد من قبيل المنفعة المشترطة للمقرض، بل هو بمثابة توثيق حقه وحمايته. ذلك أن التأمين على الحياة لا يتضمن أي زيادة أو منفعة للمقرض بخلاف ضمان حصوله على حقه.
وقد تم الاستناد إلى عدة فتاوى ومواقف فقهية في هذا السياق، أبرزها أن اشتراط الضمان في القرض جائز طالما أنه لا يتضمن منفعة إضافية للمقرض، وهو ما ينطبق على التأمين على الحياة. ويشير الفقهاء إلى أن الضمان في القروض هو شكل من أشكال التوثيق التي تضمن حقوق الأطراف ولا تخرج عن نطاق التعاون والتكافل.
اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على جواز اشتراط الضمانات في القروض لضمان حقوق المقرض. فعلى سبيل المثال، أشار الفقه الحنفي إلى جواز الكفالة بالمال، سواء كان المكفول به معلومًا أو مجهولًا، شريطة أن يكون الدين صحيحًا. وفي المذهب المالكي، أجاز الفقهاء ضمان الدين المؤجل حالًا، وكذلك في المذهب الشافعي الذي يبيح الإقراض بشرط الرهن والكفالة، فضلاً عن المذهب الحنبلي الذي أقر بجواز الضمان في القروض.
بناءً على ذلك، فإن اشتراط الشركات على المقترضين التأمين على الحياة لضمان سداد القرض في حال وفاتهم قبل سداد المبلغ بالكامل لا يعد محرمًا أو مخالفًا للشريعة الإسلامية. بل هو إجراء جائز شرعًا ويعد من قبيل التوثيق لضمان حقوق المقرض، مما يعكس حرص الشريعة على حماية الحقوق وحفظها دون الإضرار بأي طرف من الأطراف.