عاجل

أليست نفسا؟..الإفتاء توضح حكم تشييع المسلم لجنازة مسيحي

تشييع المسلم لجنازة
تشييع المسلم لجنازة مسيحي

أثار موضوع تشييع المسلم لجنازة مسيحي تساؤلات كثيرة في الأوساط المجتمعية والدينية، خاصة في القرى والمناطق الريفية التي يربط فيها الجوار والعلاقات الإنسانية بين المسلمين والمسيحيين. وقد تكررت الاستفسارات حول مدى مشروعية تشييع المسلم لجنازة مسيحي، وهل يتوافق ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية، أم يدخل في نطاق الأمور المحظورة شرعًا؟ وبين أصوات تُنكر الفعل بدعوى مخالفة العقيدة، وأخرى تدعو للرحمة والإنسانية، جاءت فتوى دار الإفتاء المصرية لتضع حدًّا لهذا الجدل، موضحة الحكم الشرعي الواضح في مسألة تشييع المسلم لجنازة مسيحي، مستندة إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وأقوال كبار علماء الفقه.

في ظل تساؤلات متكررة أثارها بعض المواطنين بشأن مدى جواز مشاركة المسلم في جنازة جاره أو زميله المسيحي، أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية أن تشييع المسلم لجنازة مسيحي أمر جائز شرعًا، ولا حرج فيه، ما دام الهدف منه المشاركة الوجدانية والمجتمعية، وليس التعظيم الديني أو الشعائري.

حكم  تشييع المسلم لجنازة مسيحي

واستشهدت دار الإفتاء في فتواها بعدد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد جواز تشييع المسلم لجنازة غير المسلم، منها ما رواه الإمامان البخاري ومسلم عن النبي ﷺ حين مرت به جنازة، فقام لها، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟»، وفي رواية أخرى: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا».

وأضافت الدار أن هذا الموقف النبوي الشريف يدل على تعظيم حرمة الإنسان أيًّا كان دينه، وأن القيام أو التشييع لا يعني الموافقة على معتقد المتوفى، بل هو تعبير عن الرحمة والمواساة لأهله وأحبائه.

سنة الصحابة

وأشارت الفتوى إلى أن بعض الصحابة الكرام قد شاركوا في جنازات لغير المسلمين، كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سُئل عن حكم اتباع المسلم لجنازة أمه النصرانية، فقال: "يتبعها ويمشي أمامها".

كما ورد أن الصحابي الجليل الحارث بن أبي ربيعة قد شيَّع جنازة والدته النصرانية، وشارك معه عدد من الصحابة، وهو ما اعتبرته دار الإفتاء دلالة عملية على جواز تشييع المسلم لجنازة المسيحي.

رأي الفقهاء

من الناحية الفقهية، أوضحت دار الإفتاء أن جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة يجيزون للمسلم تشييع جنازة غير المسلم، خاصة إذا كان المتوفى جارًا أو قريبًا أو زميلًا، وذلك من باب الإحسان والبر والمواساة، وهي قيم حضّ عليها الإسلام.

فقد جاء في كتب الفقه أن اتباع جنازة الذمي أو الكتابي – أي غير المسلم – لا حرج فيه إذا كان بقصد التعزية أو الوفاء بحق الجوار أو القرابة. كما أورد الإمام النووي في "منهاج الطالبين" أن "لا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر"، وهو ما دعمته فتوى دار الإفتاء الحديثة.

الإسلام دين الرحمة

وشددت دار الإفتاء المصرية على أن الإسلام جاء دينًا للرحمة والتراحم، ودعا إلى حسن معاملة الإنسان للإنسان، بصرف النظر عن عقيدته، خاصة في مواقف الموت التي تتطلب تعاضدًا ومؤازرةً لا تزيد أهل الميت ألمًا فوق ألمهم.

وأكدت الفتوى أن من يقول بعدم جواز تشييع المسلم لجنازة المسيحي، يخالف نصوص الشريعة وروحها، ويُضيّق واسعًا، ويُقصي القيم الأخلاقية التي حث عليها الإسلام في التعامل مع غير المسلمين.

وفي ختام فتواها، أكدت دار الإفتاء المصرية أن حكم تشييع المسلم لجنازة مسيحي هو الجواز الشرعي، إذا كان بنية المواساة والإحسان، دون اشتراك في طقوس دينية تتعارض مع العقيدة الإسلامية، مشيرة إلى أن ذلك من الأخلاق التي دعا إليها النبي ﷺ وطبقها عمليًّا في حياته.

تم نسخ الرابط