ما الفرق بين صلاة الشكر وسجود الشكر؟.. الافتاء توضح

عندما تتنزل على الإنسان نعمة جديدة، أو يُرفع عنه بلاء شديد، يبحث المسلم عن وسيلة يعبر بها عن امتنانه لله تعالى. وهنا يظهر خلاف شائع بين الناس: هل يشرع أن يؤدي المسلم ما يُسمى بـ”صلاة الشكر”، أم أن السنة الثابتة هي “سجود الشكر” فقط.. وما الفرق بينهما؟
الفرق بين صلاة الشكر وسجود الشكر
سجود الشكر هو سجدة واحدة يؤديها المسلم عند تجدد نعمة له أو لغيره من المسلمين، أو عند اندفاع بلاء عنه أو عن أحد المسلمين، فيسجد لله تعالى تعبيرًا عن الامتنان والحمد والتعظيم. وقد شُرع هذا السجود باعتباره قُربة وطاعة يُظهر بها العبد خضوعه لله وشكره على فضله.
والأصل أن الله عز وجل أمر عباده بشكره على نعمه، وسجود الشكر صورة عملية من صور هذا الامتثال. فإذا أراد المسلم أن يزيد في الشكر، فله أن يأتي بعمل آخر أعظم أجرًا كالصدقة أو صلاة النافلة أو أي عمل صالح، لكن دون أن يخصص عملًا معينًا بعنوان “صلاة الشكر”، إذ لا وجود لعبادة مستقلة بهذا الاسم في الشرع، بل المشروعية إنما هي لسجدة الشكر وحدها، أو لما يقوم مقامها من القربات والطاعات الأخرى
كيفية سجود الشكر وسببه وأدلته
سجود الشكر هو سجدة واحدة يؤديها المسلم عند تجدد نعمة له أو لغيره، أو عند اندفاع بلاء عنه أو عن أحد المسلمين، فيسجد خضوعًا لله تعالى وثناءً عليه وحمدًا لفضله.
وقد أمر الله تعالى عباده بشكره على نعمه العظيمة، وجعل الشكر مقرونًا بالذكر في كتابه الكريم؛ فقال سبحانه: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، وبيَّن مكانة الذكر فقال: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]، ووعد الشاكرين بالثواب والنجاة من العذاب، كما في قوله تعالى: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء: 147]، وقوله: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وقوله: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].
ومن أجل ذلك شُرع سجود الشكر عند وقوع النعمة أو زوال النقمة؛ فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاءه أمر يسره خر ساجدًا شكرًا لله تعالى».
وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشره جبريل بأن من صلى وسلم عليه صلى الله الله عليه وسلم عليه، فخر ساجدًا لله شكرًا.
وروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سجد شكرًا لله لما استجاب الله دعاءه وشفَّع في أمته.
حكم سجدة الشكر، والفرق بينها وبين صلاة الشكر
بناءً على هذه الأحاديث ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة، ومحمد وأبي يوسف من الحنفية (وعلى قولهما الفتوى) إلى أن سجدة الشكر سُنَّة مستحبة، بينما رأى المالكية في المشهور عندهم كراهتها. والسبب في الخلاف: هل تعتبر سجدة الشكر عبادة مقصودة بنفسها أم لا؟ فمن رأى أنها قربة مستقلة قال باستحبابها، ومن لم ير ذلك قال بالكراهة.
ومهما كان الخلاف، فهي لا تخرج عن دائرة المشروعية؛ فحتى القائلون بالكراهة يرون أنها ليست محرمة ولا يترتب على فعلها إثم، وإنما الأولى تركها عندهم.
أما الصلاة أو الصدقة عند حصول النعمة أو اندفاع البلاء فهي أعمال حسنة يؤجر المسلم عليها، لكن لا تُسمى “صلاة الشكر” أو “صدقة الشكر”، بل ينوي بها التطوع العام. وهذا ما أشار إليه الإمام النووي في المجموع، وزاده ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج بأن الجمع بين السجود والصدقة أو الصلاة أفضل، أو أن يقوم المسلم مقام السجدة بأحدهما