حكم لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة.. غير جائز في هذه الحالة

تعتبر الأذكار من أعظم العبادات التي أوصى بها الدين الإسلامي، وهي وسيلة عظيمة لذكر الله تعالى في شتى الأوقات. كثيرًا ما يتم التفكير في وسائل مختلفة لنشر الأذكار بين الناس، ومنها فكرة لصق ملصقات تحتوي على الأذكار في الأماكن العامة. في هذا السياق، طرحت تساؤلات بشأن حكم هذا الفعل، وهل يتعارض مع تعظيم اسم الله أو يتسبب في امتهانه، مما يستدعي بيان الرأي الشرعي حول هذا الموضوع.

حكم لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة

يجوز لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة، بشرط أن يتم الحفاظ على ما تحويه هذه الأوراق من ذكر الله تعالى بشكل لائق، وأن يتم التنسيق مع الجهات المعنية التي تدير هذه الأماكن. كما يجب الالتزام بالقوانين واللوائح التي تحكم تلك الأماكن. في حال عدم تحقق هذه الشروط، يصبح تعليق الأذكار في هذه الأماكن غير جائز.

 فضل عبادة الذكر

يعد الذكر من أعظم العبادات في الإسلام. فقد ذكر القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على الإكثار من ذكر الله عز وجل، ومن بينها قوله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ... ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى» [رواه الترمذي]، ما يعكس عظمة وأهمية الذكر في حياة المسلم.

وجوب تعظيم واحترام ما كتب عليه اسم الله

من المعلوم أن الإسلام حث على احترام وتعظيم كل ما يحتوي على اسم الله أو آيات القرآن الكريم. وقد أكد العلماء على ضرورة توقير هذه النصوص، سواء كانت في المصحف الشريف أو في أي ورقة أو مكان آخر يحتوي على اسم الله. ويجب على المسلم أن يلتزم باحترام هذه النصوص وعدم التعامل معها بشكل يسبب إهانتها، كما قال الشيخ ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى": "القرآن وكل اسمٍ معظم كاسم الله أو اسم نبي يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه."

 مظاهر تعظيم واحترام ما كتب عليه اسم الله

يتضح من خلال أقوال العلماء أنه من الواجب احترام كل ما يتضمن ذكرًا لله تعالى، ومن ذلك كراهة وضع المصحف الشريف أو الأوراق التي تحتوي على آيات قرآنية في أماكن ملوثة أو منخفضة مثل الأرض، أو الجلوس عليها، حفاظًا على ما تحتويه من أسماء الله وأسمائه الطاهرة. كما ينبغي عدم وضع شيء فوق هذه الأوراق حفاظًا على حرمتها.

عند النظر في حكم تعليق الأذكار في الأماكن العامة، مثل الحدائق أو الطرق أو المؤسسات التجارية أو التعليمية، يجب مراعاة النقاط التالية:

أولًا: التأكد من الحفاظ على الاحترام اللائق لما يحتويه الملصق من اسم الله تعالى، وعدم تعريضه للإتلاف أو العبث.

ثانيًا: التنسيق مع الجهات المسؤولة عن الأماكن العامة؛ لأن أي وضع غير مصرح به يمكن أن يشكل تعديًا على حقوق تلك الجهات.

ثالثًا: مراعاة القوانين واللوائح التي تحكم هذه الأماكن، والتي تهدف إلى الحفاظ على النظافة والتنظيم العام.

وفي حال تحقق هذه الشروط، لا مانع من لصق الأذكار في الأماكن العامة. ولكن إذا لم تتوفر هذه الشروط، فلا يجوز تعليق هذه الملصقات بسبب الخوف من تعرضها للامتهان.

بناءً على ما سبق، فإنه يجوز لصق أوراق الأذكار في الأماكن العامة، شريطة أن يتم الحفاظ على احترام وتقدير ما تحتويه من ذكر الله تعالى، وأن يتم التنسيق مع الجهات المسؤولة عن تلك الأماكن والامتثال للقوانين المنظمة. إذا لم تتحقق هذه الشروط، فإن تعليق الأذكار في تلك الأماكن يعد غير جائز.

في النهاية، يبقى الهدف الأسمى هو نشر الذكر وتعزيز علاقة الناس بربهم، ولكن من خلال الوسائل التي تضمن الاحترام الكامل لما تحويه الأوراق من ذكر الله تعالى.