دار الإفتاء توضح حكم الذكر باستخدام السبحة.. هل هو مشروع؟

في ظل تعدد الوسائل التي يستخدمها المسلمون في ترديد الأذكار، يبرز سؤال هام حول حكم استخدام السبحة وغيرها من أدوات العدّ لتنظيم الذكر، وهل يعد ذلك أمرًا مشروعًا في الإسلام أم لا؟
حكم الذكر باستخدام السبحة
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الذكر بالسبحة وغيرها مما يُضبط به العَدُّ أمر مشروع، وهو أمر أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واتبعته الصحابة والتابعون والمسلمون من بعدهم دون إنكار أو اعتراض، بل صنف العديد من العلماء مشروعية هذا الأمر في كتبهم.
وقالت الدار إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد روى ذلك في عدة مواقف منها حديث صفية بنت حيّي رضي الله عنها، التي قالت:
"دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين يديَّ أربعة آلاف نوَّاة أُسبّح بها، قال: «لقد سبَّحتِ بهذه، ألا أعلمك بأكثر مما سبَّحت؟» فقلت: بلى علمني. فقال: «قولي: سبحان الله عدد خلقه»"، وهو حديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
كما أشارت الدار إلى حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الذي دخل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على امرأة وبين يديها حصى أو نوى تُسبِّح بها، فقال لها النبي: "أخبركِ بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟"، وعلّمها أذكارًا طويلة الأمد تغطي عدد خلق الله في السماء والأرض، مع تعظيم الله، وهو حديث مرفوع إلى النبي، وصححه جماعة من العلماء.
وأضافت دار الإفتاء أن استخدام السبحة في الذكر كان أمرًا شائعًا بين الصحابة، فقد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يستخدم نوى العجوة في الصلاة للعد، وكذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه الذي كان يسبح بها حتى تنفد ويجمعها ويعيدها.
واستشهدت الدار بتصنيفات عدد من العلماء في مشروعية السبحة مثل الحافظ جلال الدين السيوطي في "المنحة في السبحة"، والشيخ محمد بن علان الصديقي في "إيقاد المصابيح لمشروعية اتخاذ المسابيح"، والعلامة أبو الحسنات اللكنوي في "نزهة الفكر في سبحة الذكر".
ونقل الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى قوله: "لو لم يكن في اتخاذ السبحة غير موافقة هؤلاء السادة، والدخول في سلكهم، والتماس بركتهم، لصارت بهذا الاعتبار من أهم الأمور وآكدها، فكيف بها وهي مذكرة بالله تعالى؛ لأن الإنسان قل أن يراها إلا ويذكر الله، وهذا من أعظم فوائدها".
واختتمت دار الإفتاء بأنّه لم ينقل عن أحد من السلف أو الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة، بل كان أكثرهم يعدّون بها ولا يرون ذلك مكروهًا، مؤكدة أن استخدام السبحة وسيلة تسهل على المسلم ضبط عد الأذكار، وتزيد من ارتباطه بالذكر والعبادة.