رمضان عبدالمعز: النبي الكريم جسّد أعظم أساليب الرحمة في معالجة القضايا الدينية

أكد الشيخ رمضان عبدالمعز، الداعية الإسلامي وأحد مقدمي برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع عبر فضائية دي إم سي، أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان المعلم الأول وصاحب المدرسة التربوية الفريدة التي اعتمدت على الحكمة والتنوع في الوسائل، مما ساعد الصحابة على فهم الدين واستيعاب تعاليمه بصورة عميقة وراسخة.
وخلال الحلقة التي ناقشت جانبًا من الأساليب التعليمية للنبي، أشار رمضان عبدالمعز إلى أن الرسول الكريم لم يكن مجرد مبلغ للوحي، بل كان أيضًا مربّيًا بارعًا استطاع أن يترك أثرًا لا يُمحى في نفوس أصحابه والأجيال التي تلتهم.
قصة الصحابي ورمضان
وروى رمضان عبدالمعز قصة مؤثرة تُبرز عظمة أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع المذنبين، إذ جاءه رجل معترفًا بارتكاب علاقة محرمة في نهار رمضان، طالبًا تطهير نفسه. وهنا أظهر النبي قمة الرحمة والرفق؛ حيث سأله أولًا عن قدرته على عتق رقبة فلم يستطع، ثم عن صيام شهرين متتابعين فعجز، ثم عن إطعام ستين مسكينًا فلم يقدر.
وفي مشهد إنساني فريد، جاء النبي الكريم بمكتل من التمر وقال للرجل أن يوزعه على المساكين، فلما أخبره بأنه أفقر أهل المدينة، أمره الرسول أن يطعمه أهله، ويعلق رمضان عبدالمعز على القصة قائلاً: "هذا الموقف يعكس حكمة النبي ورحمته في معالجة القضايا بروح التيسير لا التعسير."
تنوع الأساليب التربوية
وأوضح "عبدالمعز" أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم أساليب متنوعة في تعليم أصحابه، حيث كان أحيانًا يبدأ بالسؤال لشد انتباههم، مستشهدًا بقوله: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟"، فيثير الفضول ويجذب العقول نحو المعنى.
وأضاف أن الرسول كان يوظف أسلوب التكرار لترسيخ المعلومات في أذهان الصحابة، مشيرًا إلى ما رُوي عن سيدنا أنس رضي الله عنه أن النبي إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تُفهم عنه. هذا النهج التربوي البليغ جعل التعليم النبوي حاضرًا في الوجدان وراسخًا في العقول.
دروس بليغة من المشاهد
وتابع حديثه مؤكدًا أن النبي الكريم لجأ أحيانًا إلى استخدام مشاهد حية مثيرة للدهشة، ليقرب المعاني ويرسخ القيم في النفوس. ومن أبرز هذه المواقف، مروره بسوق المدينة ورؤيته جديًا ميتًا مقطوع الأذن، فسأل الصحابة: "من يشتري هذا بدرهم؟"، وعندما أبدوا استغرابهم، أوضح أن الدنيا أهون على الله من هذا الجدي عندهم.
وأشار "عبدالمعز" إلى أن هذا الأسلوب التصويري العميق جعل المعنى يظل حاضرًا في القلب والعقل، مؤكداً أن البلاغة النبوية جمعت بين البساطة والعمق، فاستطاعت أن توصل المعنى بأقوى صورة ممكنة.

الدين قائم على التيسير
واختتم الشيخ رمضان عبدالمعز حديثه بالتأكيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم جسّد أرقى معاني الرحمة والتيسير في الدعوة وتعليم الدين، مبينًا أنه بعث بالحنفية السمحة، وأن الشريعة قائمة على اليسر لا المشقة.
وشددت رمضان عبدالمعز على أن الأسلوب النبوي اعتمد على مخاطبة العقول والقلوب معًا، مؤكدًا أن منهج الرسول في التعليم يمثل مدرسة خالدة يجب أن تُدرّس وتُستلهم في حياتنا اليومية، خاصة في التعامل مع الأبناء والطلاب والمجتمع ككل.