سيناريوهات خطيرة.. ماذا يعني احتلال إسرائيل لكامل قطاع غزة مجددًا؟

تتزايد في الآونة الأخيرة داخل الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية النقاشات حول قرار حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو فرض سيطرة كاملة على قطاع غزة، وهي خطوة ستكون لها آثار سياسية وقانونية وأمنية وإنسانية معقدة، تمس الفلسطينيين كما تمس إسرائيل نفسها.
فعليًا، فإن الاحتلال الإسرائيلي لغزة يعني إعادة فرض السيطرة العسكرية والإدارية المباشرة على القطاع، وهو ما يمثل نكسة حقيقية للقرار الذي اتخذته تل أبيب عام 2005 بالانسحاب من غزة، بما في ذلك تفكيك المستوطنات وسحب القوات، مع الإبقاء على التحكم في الحدود. العودة عن هذا القرار تعني انقلابًا جذريًا على السياسات السابقة، وعودة إلى نقطة الصفر.
احتلال قطع غزة بالنسبة للقانون الدولي
من زاوية القانون الدولي، فإن مثل هذا التحرك يتعارض بشكل صارخ مع المبادئ القانونية التي تكرّس حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو الحق الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، ويعد من الركائز الأساسية في القانون الدولي. كذلك، فإن إعادة احتلال القطاع من شأنه أن يعزز من موقف محكمة العدل الدولية التي أصدرت في يوليو 2024 حكمًا واضحًا بأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، ويجب إنهاؤه دون تأخير.
وفي حال ترافق هذا السيناريو مع بناء مستوطنات جديدة داخل القطاع، فإن ذلك سيمثل ضربة قاصمة للقرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن في عام 2016، والذي أكد بوضوح أن الأنشطة الاستيطانية تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وطالب بوقفها الفوري في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
احتلال قطاع غزة من الناحية الأمنية
أمنيًا، من الواضح أن إعادة احتلال غزة لن تكون عملية سهلة، بل ستُقابل بموجة مقاومة شرسة من قوى فلسطينية متعددة، على رأسها حركة حماس، التي تعتبر انسحاب عام 2005 انتصارًا ناتجًا عن نضالها العسكري.
وبناءً عليه، فإن عودة إسرائيل للسيطرة تعني من وجهة نظرها تجدد الحرب، وستدفعها لاتخاذ موقف تصعيدي حتمي، يعيد دوامة العنف والتصعيد الأمني.
وتعد التكلفة العسكرية والاقتصادية لهذا القرار حاضرة في ذهن صانع القرار الإسرائيلي، حيث إن الانتشار العسكري الواسع يتطلب موارد ضخمة، سواء من حيث التمويل أو الأفراد، في وقت تواجه فيه إسرائيل تحديات أمنية متصاعدة على أكثر من جبهة، إلى جانب ضغوط داخلية متنامية.
احتلال قطاع غزة من الناحية الإنسانية
أما على المستوى الإنساني، فإن إعادة الاحتلال ستقود إلى موجات نزوح جديدة، وفرض قيود صارمة على الحركة والمعيشة، وتفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية داخل القطاع المحاصر.
كما سيترك هذا الواقع أثرًا نفسيًا عميقًا في نفوس السكان، ويُعمّق من حالة الانقسام والقلق وعدم الاستقرار التي يعانيها المجتمع الفلسطيني منذ سنوات طويلة.
في المحصلة، فإن احتلال غزة من جديد لن يكون مجرد قرار عسكري، بل هو تحول استراتيجي خطير قد يعيد خلط الأوراق في المنطقة بأكملها، ويضع إسرائيل أمام استحقاقات سياسية وقانونية وأمنية لا يمكن تجاهلها.