ليس الأمهات وحدهن.. واحد من كل 10 آباء يعاني من اضطرابات نفسية

لطالما ارتبطت الصحة النفسية في فترة ما حول الولادة بالأمهات فقط، لكن تقريرًا جديدًا كشف عن أن الآباء الجدد أيضًا يعانون بصمت، ففي وقت تتلقى فيه الأم رعاية صحية ونفسية منظمة منذ لحظة تأكيد الحمل، يُترك العديد من الآباء في الظل، يعانون من مشكلات واضطرابات قد تبدأ قبل الولادة وتستمر بعدها، دون دعم يُذكر.
أزمة صامتة في الصحة النفسية للآباء
بحسب التقرير المنشور في صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن نحو واحد من كل عشرة آباء يعاني من مشكلات نفسية حادة في مرحلة ما قبل الولادة وبعدها، وهي نسبة تقترب من الأرقام المسجلة لدى الأمهات، حيث تعاني واحدة من كل خمس أمهات من القلق أو الاكتئاب بعد الولادة.
لكن المفارقة أن النظام الصحي في بلدان مثل أستراليا، التي كانت محور التقرير، يقدم رعاية نفسية منتظمة للأمهات، في حين لا توجد منظومة مماثلة للآباء.
"من يدعم الأب؟"
جاكي ماكدونالد، أستاذة مساعدة في جامعة ديكين ومنسقة الاتحاد الأسترالي لأبحاث الأبوة، أشارت إلى أن المجتمع لا يقدّم الدعم الكافي للآباء كما يفعل مع الأمهات، بل إن اللغة السائدة لا ترى في الأب إلا داعمًا للأم، وليس فردًا يحتاج هو نفسه إلى دعم ورعاية.
وتوضح ماكدونالد أن غياب برامج الدعم النفسي للأب قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية لا تقتصر عليه فقط، بل تمتد إلى الأسرة بأكملها، مضيفة:
"إذا عانى جزء من النظام الأسري، فلن يعمل النظام بكفاءة، دعم الأب يُحسّن قدرة الأسرة كلها على التكيف والرعاية."
"الأب الأول مرة كمن تاه في الصحراء"
من جانبه، وصف ريتشارد فليتشر، مدير برنامج أبحاث الآباء في جامعة نيوكاسل، تجربة الأب لأول مرة بأنها:
"تشبه أن تكون في الصحراء دون أن تدرك حتى مدى عطشك، لكن لا يوجد ماء في أي مكان."
في إشارة إلى أن الكثير من الرجال لا يملكون أدوات التعبير عن قلقهم أو اكتئابهم، وغالبًا ما يُطلب منهم أن يكونوا الطرف القوي الصامت.
ظاهرة عالمية.. لا تقتصر على أستراليا
الظاهرة ليست محصورة في أستراليا فقط، ففي مراجعة منهجية أجرتها الدكتورة شارين بالدوين عام 2018 في المملكة المتحدة، تبين أن العديد من الآباء يشعرون بالإقصاء أو الإهمال خلال فترة ما حول الولادة، وشملت التحديات التي يواجهها الآباء في تلك المرحلة:
- تغيرات مفاجئة في الهوية والعلاقات
- ضغوط مالية متزايدة
- صراع بين متطلبات العمل والحياة العائلية
دعم الأب = دعم الأسرة
التقرير يؤكد على أهمية التعامل مع الصحة النفسية للأب بنفس القدر من الاهتمام الذي تحظى به الأم، فوجود أب يتمتع بصحة نفسية جيدة يعني أنه أكثر قدرة على دعم شريكته والاهتمام بطفله والمشاركة الفعالة في بناء بيئة أسرية متزنة.
الصورة النمطية التي تحصر الدعم والرعاية في الأم وحدها خلال فترة ما حول الولادة تحتاج إلى إعادة نظر، فقد أثبتت الدراسات أن دعم الأب نفسيًا وعاطفيًا لا يقل أهمية عن دعم الأم، بل يشكل جزءًا حيويًا من التوازن الأسري والصحي.