عاجل

جدل برلماني حول زيادات إيجارات أراضي الأوقاف وتأثيرها على صغار المزارعين

تعبيرية
تعبيرية

أثارت الزيادات الأخيرة في القيمة الإيجارية للأراضي المؤجرة من الأوقاف حالة من الجدل، في ظل ما يواجهه صغار المزارعين من تحديات متزايدة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع هامش الربح، وطالب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بضرورة تخفيض قيمة الإيجار.

تفاصيل اجتماع لجنة الزراعة

عقدت لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، اجتماعها برئاسة الدكتور محسن البطران، رئيس اللجنة، لمناقشة مشكلة رفع القيمة الإيجارية للأراضي المؤجرة من هيئة الأوقاف، مع التركيز على تأثير ذلك على صغار المزارعين ومحدودي الدخل.

وأكد "البطران"، أن القطاع الزراعي شهد طفرة كبيرة منذ عام 2014، بعد وصول الاستثمارات الزراعية لنحو 87 مليار جنيه، منها 38 مليار جنيه استثمارات عامة، بما ساهم في رفع الصادرات الزراعية إلى 10.6 مليار دولار، ورفع مساهمة القطاع في الناتج القومي إلى 105 مليارات جنيه بنسبة تتجاوز 14%.

وأشار إلى دور الدولة في تنفيذ المشروعات القومية، وزيادة الرقعة الزراعية إلى 10.3 مليون فدان مع إضافة 3.5 مليون فدان بحلول 2027، من خلال مشروعات الدلتا الجديدة وجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى التوسع في المزارع السمكية والإنتاج الحيواني وتحسين كفاءة الري، بما أسهم في رفع معدل نمو الإنتاج الزراعي لأكثر من 4% سنويًا.

وأوضح "البطران" أن العديد من صغار المستأجرين لأراضي الأوقاف تقدموا بشكاوى بعد الإعلان عن زيادة كبيرة في الإيجار، مؤكدًا أن بعضهم منع من صرف الأسمدة الشتوية إلا بعد توقيع الموافقة على الزيادة الجديدة.

فيما طالب الدكتور جمال أبو الفتوح، وكيل اللجنة، بإجراء فحص ميداني للأراضي لتحديد نوعيتها ومساحاتها والمحاصيل المزروعة، بما يتوافق مع العرض والطلب، لتحديد القيمة الإيجارية العادلة.

أشار الدكتور سعد نصار، الخبير الزراعي، إلى أن الزيادة الأخيرة في الإيجار خلال الفترة 2025/2026 لم تتناسب مع أسعار منتجات الأراضي، خاصة مع ارتفاع مستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذور ومبيدات وأسعار الطاقة، ما يهدد قدرة المزارعين على الاستمرار في الإنتاج ويؤثر على دخلهم ومستوى معيشتهم.

واتفق أعضاء اللجنة على أن يكون عام 2026 مخصصًا للزراعة والأمن الغذائي، مؤكدين أهمية دور الدولة في دعم التوسع بالمشروعات الزراعية القومية لتعزيز الاكتفاء الذاتي.

جانب من الاجتماع
جانب من الاجتماع

توصيات اللجنة والاجتماع المقبل

رأت اللجنة ضرورة مراجعة قرار رفع القيمة الإيجارية للأراضي المؤجرة من الأوقاف، وإعادة تقسيم الزيادة على مدار سنتين بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية للمزارعين، مع مراعاة البعد الاجتماعي للأسر التي تعتمد على هذه الأراضي كمصدر رزق أساسي.

وأشارت اللجنة إلى أهمية حضور ممثلي وزارتي الأوقاف والزراعة واستصلاح الأراضي الاجتماع القادم لاستكمال مناقشة هذه المشكلة وإيجاد حلول عادلة للمزارعين.

تخفيض إيجار أراضي الأوقاف لتخفيف الأعباء عن صغار المزارعين

من جانبه، طالب النائب عادل زيدان، عضو لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف بمراعاة صغار المزارعين المستأجرين للأراضي الزراعية من الهيئة، مشيرًا إلى أن ارتفاع قيمة إيجار الفدان من 400 جنيه في 2014 إلى 45 ألف جنيه في 2025 يمثل عبئًا كبيرًا على صغار الفلاحين في ظل ارتفاع مستلزمات الإنتاج.

وأكد زيدان في تصريحات صحفية، أن مناقشة لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ لهذا الملف أمر ضروري، لحماية صغار المزارعين من أي أعباء إضافية تفوق قدرتهم على التحمل.

عادل زيدان
عادل زيدان

زيادات إيجارات الأراضي الوقفية تتطلب حلولاً متوازنة

في السياق ذاته، قال النائب عمرو سعد الشلمة، عضو لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، إن قرارات وزارة الأوقاف الأخيرة برفع الإيجارات على الأراضي الزراعية الوقفية خطوة إدارية تهدف إلى حماية أموال الوقف وتعظيم العوائد، لكنها قد تؤثر على التوازن الاجتماعي والاقتصادي في الريف المصري.

وأوضح "الشلمة" في تصريحات صحفية على هامش اجتماع لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، أن تطبيق الزيادة جاء بشكل مفاجئ وغير متدرج، دون مراعاة القدرة الاقتصادية الحقيقية لصغار الفلاحين.
وأشار إلى أن بعض الحيازات الصغيرة قد تصل فيها قيمة الإيجار إلى نصف إجمالي تكلفة الزراعة، وهو عبء لا يمكن تحمله.

وأكد الشلمة على ضرورة إيجاد حلول متوازنة تحفظ حق الوقف وفي الوقت نفسه تحمي الفلاحين، قائلاً: "الزراعة ليست مجرد نشاط تجاري، بل قطاع استراتيجي يرتبط بالأمن الغذائي والسيادة الوطنية".

مقترحات لتخفيف الأعباء المالية

وشدد النائب على عدة مقترحات عملية، منها تطبيق الزيادة بشكل تدريجي على مدار سنوات لتخفيف الأعباء على صغار المزارعين، والتمييز بين صغار الفلاحين والمستثمرين، بحيث يتحمل المستثمر الكبير تكلفة أعلى دون الإضرار بالمزارع الصغير.

وأكد أن مجلس الشيوخ سيواصل متابعة ملف الأراضي الوقفية عن كثب، ومطالبة الجهات المعنية بوضع آليات واضحة لضمان توازن مصالح المال الوقفي والفلاحين.

وأشار "الشلمة" إلى أن التحدي يكمن في تحقيق التوازن بين إدارة أصول الدولة وفق القانون وحماية الفلاحين واستقرار الإنتاج الزراعي، لضمان أن تكون الزيادة وسيلة للنفع العام وليس عبئاً على المجتمع الريفي والاقتصاد الوطني.

واختتم: "المشكلة ليست في المبدأ بقدر ما هي في طريقة التطبيق وتوقيته، فالقرار طُبق بزيادات حادة ومفاجئة، دون تدرج كافٍ، وفي لحظة يعاني فيها الفلاح. لذلك يجب إعادة النظر في نسب الزيادة، وتطبيقها بشكل تدريجي، وفتح حوار مباشر بين وزارة الأوقاف والمزارعين المتضررين".

وأضاف: "وزارة الأوقاف اليوم مطالبة ليس فقط بحماية مال الوقف، بل بحماية وظيفة الوقف الاجتماعية".

النائب عمرو سعد الشلمة
عمرو سعد الشلمة
تم نسخ الرابط