عاجل

ميادة ثروت: الفتوى أضحت مسؤولية أخلاقية ومعرفية تتصل اتصالا مباشرا بالكرامة

د.  ميادة ثروت
د. ميادة ثروت

قالت د/ ميادة ثروت مستشارة رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية بجنيف – سويسرا، ورئيس قسم مدّ الجسور بين الشعوب وتعزيز الأخوة الإنسانية، إنه في عالم تتسارع فيه التحولات الفكرية والاجتماعية، وتتعاظم فيه الأزمات الإنسانية، لم تعد الفتوى مجرد بيان لحكم شرعي، بل أضحت مسؤولية أخلاقية ومعرفية تتصل اتصالا مباشرا بكرامة الإنسان وحقه في الحياة والأمن والعدل .

الفتوى بين مسؤولية الواقع وواجب الاجتهاد

وتابعت: من هنا تكتسب النقاشات العلمية حول الفتوى والاجتهاد المعاصر أهميتها البالغة .

وأضافت: في هذا السياق، جاءت الندوة العالمية الثانية لدار الإفتاء المصرية، المنعقدة بالقاهرة يومي 15 و16 ديسمبر 2025، تحت عنوان: "الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة" لتؤكد الحاجة الملحّة إلى خطاب إفتائي واع يجمع بين رسوخ المنهج ومرونة التطبيق، ويستحضر مقاصد الشريعة في التعامل مع أزمات العصر .

وشددت ميادة ثروت: لا يمكن الحديث عن هذا الحدث العلمي دون التوقف عند الجهود البارزة التي يبذلها الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية في ترسيخ مفهوم الفتوى الإنسانية، وتطوير الأداء المؤسسي للإفتاء، بما يجعله أكثر اهتماما بقضايا الإنسان المعاصر، وأكثر قدرة على مواجهة الفكر المتطرف، بالإضافة إلى تقديم خطاب ديني مسؤول يخدم الاستقرار الاجتماعي وسلام البشرية .

وأكملت ميادة ثروت: قد أسهمت رؤيته في تحويل الفتوى من إطارها النظري الضيق إلى أفق حضاري رحب، يوازن بين النص والواقع، وبين الثابت والمتغير .

ومن المشاركات المهمة في هذه الندوة، الحضور الواضح للهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، والتي أكد رئيسها فضيلة الشيخ مهاجري زيان، في كلمة مؤثرة، أن الاجتهاد المعاصر لا يكتمل ما لم ينتقل من حدود البيان الشرعي إلى آفاق الواجب الإنساني .

وقد جاءت كلمته بعنوان: "من البيان الشرعي إلى الواجب الإنساني: دور الفتوى والاجتهاد المعاصر في حماية المجتمعات المنكوبة – قراءة في التجارب الأوروبية الداعمة لغزة والسودان وسوريا واليمن" لتضع الفتوى أمام اختبارها الأخلاقي الحقيقي في زمن الكوارث والنزاعات .

وتناول الشيخ مهاجري زيان بوضوح ومسؤولية، قضايا غزة واليمن والسودان، ولا سيما مأساة الفاشر، مؤكدًا أن الصمت أو الاكتفاء بالإدانة اللفظية لم يعد مقبولًا، وأن الفتوى مطالبة اليوم بتوجيه الوعي، وتحريك الضمير الجمعي، ودعم المبادرات الإنسانية، وتفعيل شبكات التضامن داخل المجتمعات الإسلامية في أوروبا، بما يسهم في حماية المجتمعات المنكوبة والدفاع عن حقوقها المشروعة.

وتكشف هذه التجربة الأوروبية عن إمكانية توظيف الاجتهاد الفقهي المعاصر في خدمة القضايا الإنسانية الكبرى، بعيدا عن الشعارات، وبما يحفظ للفتوى هيبتها العلمية، ويمنحها في الوقت ذاته بعدا إنسانيا عمليا .

واختتمت الدكتورة ميادة ثروت: تؤكد الندوة العالمية الثانية لدار الإفتاء المصرية أن الفتوى، حين تمارس بوعي علمي ومسؤولية أخلاقية، قادرة على أن تكون جسرا بين الدين والواقع، وأن تسهم في حماية المجتمعات، ودعم المظلومين، وبناء خطاب ديني عالمي أكثر عدلًا وإنسانية. ويبقى الرهان الحقيقي في تحويل هذا الوعي إلى سياسات إفتائية ومبادرات عملية تجعل من الفتوى قوة إصلاح على مستوى الأفراد والمجتمعات .

تم نسخ الرابط