القنصل الصيني: قطاع السياحة أحد أهم مجالات التعاون بين الصين ومصر| حوار
العلاقات المصرية الصينية خلال تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي باتت من أكثر العلاقات الخارجية أهمية، وسط تفاهم كبير بين قيادات البلدين، وتعد البعثة الدبلوماسية في الإسكندرية بقيادة القنصل يانغ يي من أنشط البعثات في التحريات علي الأرض ووسط المجتمع السكندري.
وأجرى موقع «نيوز رووم» حوارًا صحفيًا مع القنصل الصيني في الإسكندرية يانغ يي، أكد خلاله على أهمية العلاقات المصرية الصينية في ظل القيادتين الحكيمتين للبلدين، مشيدًا بدور محافظة الإسنكندرية المحوري في تنامي العلاقات بين البلدين الصديقين خاصة التجارة والنقل البحري ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.. والي نص الحوار.
في البداية، كيف ترون دور مدينة الإسكندرية كمحور للتجارة والنقل البحري ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية؟
يُعد ميناء الإسكندرية إحدى الجواهر المضيئة على ساحل البحر المتوسط، ويتمتع بموقع جغرافي فريد يمكّنه من الوصول إلى السوق المصري والأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وفي عام 2023، وقّع ميناء الإسكندرية اتفاقيات موانئ صديقة مع كل من ميناء تشينغداو وميناء قوانغتشو في الصين، بما يعزز التعاون في مجالات تشغيل وإدارة الموانئ والتدريب وتبادل الخبرات.
وفي عام 2024، بدأ رصيف حاويات أبو قير الذي نفّذته شركة “تشاينا هاربور” الصينية العمل بكامل طاقته، ليصل حجم مناولة البضائع السنوي إلى مليوني حاوية قياسية، وهو ما أسهم بقوة في دفع تطور النقل البحري والتجارة في الإسكندرية، وتعزيز نمو سلاسل الإمداد المرتبطة به.
إن دور الإسكندرية في مبادرة “الحزام والطريق” يتجاوز كونها محطة لنقل البضائع؛ فهي تمثل شريانًا يسهم في تسهيل التدفقات التجارية، ومنصة لتعميق التعاون العملي، وجسرًا يربط بين الشعبين الصيني والمصري.
وتود القنصلية العامة مواصلة وقد أقامت كل من بلدية شنغهاي ومقاطعة غوانغدونغ علاقات صداقة مع مدينة الإسكندرية، كما تعمل مقاطعة شاندونغ ومدينة تشينغداو على تعزيز علاقات التعاون الودي مع الإسكندرية. ونحن نتطلع إلى بناء علاقات تعاون أعمق وأكثر تطورًا وعلى نطاق أوسع مع مدينة الإسكندرية، بما يعود بالنفع على شعبي البلدين
ما حجم الاستثمارات الصينية حاليًا في الإسكندرية ومنطقة غرب الدلتا في مصر؟
لقد أصبحت الصين الشريك التجاري والاقتصادي الأول لمصر، وارتفع حجم استثماراتها في مصر عام ٢٠٢٤ بأكثر من ٦٠٪. ويُعد ذلك نتيجة للتكامل العميق بين مبادرة "الحزام والطريق" ورؤية مصر 2030، وكذلك استراتيجية "ممر قناة السويس". وأؤمن بأنه بجهود الجانبين المشتركة ستشهد الإسكندرية ومنطقة غرب الدلتا المزيد من الاستثمارات الصينية ذات الجودة العالية، بما يكتب فصلًا جديدًا من التعاون القائم على المنفعة المتبادلة والربح المشترك.
ما المجالات التي يركز عليها القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية في الإسكندرية لتعزيز التعاون الثنائي بين الصين ومصر؟
تعمل القنصلية العامة على تعزيز التبادلات الودية والتعاون المتبادل المنفعة بين الصين والمحافظات والمدن الواقعة ضمن نطاق اختصاصها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والتعليم والثقافة والصحة والسياحة والنقل وغيرها، بما يسهم في تعزيز التفاهم والصداقة بين شعبي البلدين. كما تتولى القنصلية حماية أمن ومصالح المواطنين والمؤسسات الصينية داخل نطاقها القنصلي وفقًا للقانون، ودعم دفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر نحو مزيد من التطور.
ما خططكم لجذب مزيد من السيّاح الصينيين لزيارة الإسكندرية؟ وكيف يمكن، إلى جانب القنوات الرسمية، تعزيز الصداقة الشعبية بين شعبي البلدين؟
تُعدّ الإسكندرية مدينة تاريخية ووجهة مهمة على طريق الحرير القديم، كما أنها من أبرز المدن السياحية. ويُعدّ قطاع السياحة أحد أهم مجالات التعاون بين الصين ومصر. وفي هذا الإطار، تعمل الصين بشكل وثيق مع الجهات المصرية المعنية بالسياحة، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والمنصّات الإلكترونية للترويج الواسع للمعالم السياحية في مصر، ولا سيما الإسكندرية، وذلك من خلال منصّات التواصل الصينية الشهيرة مثل "دوُويِن" و"ويتشات"، وكذلك منصّات حجز السفر مثل "تريب" و"فليغي". كما تتعاون الصين مع المدوّنين والمؤثّرين في مجال السفر، وتحثّهم على مشاركة تجاربهم وانطباعاتهم حول زيارتهم للإسكندرية، والتعريف بمواردها السياحية ومنتجاتها المميزة، مما يساهم في جذب مزيد من السيّاح الصينيين.
وتتبنى الإسكندرية من جانبها إجراءات تسهّل زيارة السيّاح الصينيين، مثل توفير لافتات باللغة الصينية، وتوفير مرشدين سياحيين وموظفين قادرين على التحدث بالصينية في المطارات والفنادق والمزارات والمطاعم. كما يجري التعاون مع منصّات السياحة الصينية لإطلاق باقات فندقية وعروض خاصة تناسب السيّاح الصينيين، مع تشجيع الفنادق على تقديم خدمات تتوافق مع تفضيلاتهم. وتُطرح أيضًا منتجات سياحية مميزة، منها البرامج التي تُبرز تاريخ وثقافة الإسكندرية، بما يتيح للسيّاح الصينيين التعرف على جمال الحضارة القديمة، إضافة إلى الاستفادة من الموارد الساحلية للمدينة لتطوير منتجات للعطلات الشاطئية، والترويج لتجارب المطبخ المصري.
وتُعدّ الصين بدورها وجهة سياحية عالمية متميزة، ومع استمرار تسريع وتيرة انفتاحها على الخارج واعتماد مزيد من إجراءات تسهيل التأشيرات، يشهد الإقبال على السفر إلى الصين نموًا متزايدًا. وتنوي القنصلية العامة قريبًا التعاون مع متحف الآثار اليونانية الرومانية لتنظيم معرض لصور المناظر الطبيعية الصينية ومعرض "مصر بعيون الصينيين"، وندعو الجمهور لزيارتهما للتعرّف على جمال الصين، كما نتطلع لاستقبال مزيد من السيّاح المصريين الراغبين في زيارة الصين.
هل هناك دعم للصحفيين في الإسكندرية والمحافظات المجاورة؟
يولي القنصل العام أهمية كبيرة للعلاقات مع وسائل الإعلام المصرية، ويحافظ على تعاونٍ طويل الأمد مع العديد من المؤسسات الإعلامية والصحفيين داخل الاختصاص اوخارجه. ونرحّب بمتابعة الصحفيين وتغطيتهم للقاءات القنصل العام الخارجية وخطاباته ومقالاته الموقّعة وغيرها من الأنشطة، كما نعقد في الوقت المناسب لقاءات إعلامية لإطلاع وسائل الإعلام على السياسات الصينية العامة تجاه الخارج، ونتطلع إلى مشاركة فعّالة من قبل السادة الصحفيين.
هل توجد برامج مخصّصة لزيارات الصحفيين إلى الصين؟ وكيف تعمل هذه البرامج؟ وما هي معايير الاختيار؟
تنفيذًا للتفاهمات التي توصّل إليها الرئيس شي جينبينغ مع قادة الدول العربية والدول الإفريقية، توفر الصين برامج تبادل وتدريب متنوّعة للأصدقاء من الدول العربية والإفريقية الراغبين في زيارة الصين. وتختلف متطلبات كل برنامج من حيث مستوى اللغة، والخلفية المهنية، والحالة الصحية وغيرها من الشروط. ويمكن للصحفيين المهتمين المشاركة في هذه البرامج متابعة المعلومات ذات الصلة عند الإعلان عنها.
كيف تقيّمون مستوى العلاقات الصينية-المصرية في الوقت الراهن، ولا سيّما في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين؟
تُعدّ الصين ومصر من أعرق الحضارات، وترتبطان بعلاقات أخوية وشراكة متينة. كما أنّ مصر هي أول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وأول دولة نامية تقيم معها علاقة تعاون استراتيجي. وفي ظل الاهتمام والتوجيه المشترك من الرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، شهدت العلاقات الثنائية منذ إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014 عقد لقاءات متكررة بين قادة البلدين على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، لتدخل العلاقات “العقد الذهبي” الذي أثمر نتائج مهمة.
وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصين في مايو 2024، أصدر الجانبان البيان المشترك حول تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة. ويحمل هذا البيان أهمية كبيرة، إذ أصبحت مصر أول دولة عربية تُدرج هدف بناء مجتمع المصير المشترك في بيان علاقاتها الثنائية مع الصين. وقد اتفق الجانبان على السعي نحو هذا الهدف في العصر الجديد، والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية، ودفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة الصينية-المصرية إلى مرحلة جديدة. وقد أصبحت الصين ومصر نموذجًا للتضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة بين الدول النامية
هل هناك مشروعات تعاون جديدة بين الصين ومصر في مجالات الموانئ أو البنية التحتية أو المناطق الصناعية؟
تلعب موانئ الإسكندرية، والسخنة، ودمياط، وأبو قير أدوارًا مختلفة ضمن التعاون الصيني-المصري، وتشهد مجالات البنية التحتية ووسائل النقل والمناطق الصناعية ظهور مشاريع جديدة بشكل متواصل. أما أكبر مشروعي بنية تحتية ينفذهما الجانبان حاليًا فهما مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع العلمين الجديدة.
كيف يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة المصرية دخول السوق الصينية والاستفادة منها بشكل أفضل؟
تُعد الصين ثاني أكبر سوق استهلاكي في العالم، وتمتلك أكبر شريحة من الطبقة المتوسطة عالميًا، مما يمنحها طاقة هائلة في مجالي الاستثمار والاستهلاك. ويُعد الانفتاح على العالم سياسة أساسية للصين، وهي تعمل حاليًا على تعزيز انفتاحٍ عالي المستوى، والتوسّع المستمر في الانفتاح المؤسسي في مجالات القواعد والأنظمة والإدارة والمعايير.
وقد أكد الرئيس شي جين بينغ: إن الصين ماضية بثبات في مسار الإصلاح والانفتاح، وباب الانفتاح لن يغلق، بل سيتسع أكثر فأكثر.
ونحن نتطلع إلى أن تقدم الشركات المصرية مزيدًا من المنتجات والخدمات عالية الجودة للسوق الصينية، وأن تعزز تعاونها الصناعي مع الشركات الصينية، بما يحقق مواءمة أفضل بين العرض والطلب ويحقق المنفعة المتبادلة والربح المشترك للطرفين.
ما هي أبرز الأنشطة الثقافية التي نظمها القنصلية العامة لتعزيز التبادل الثقافي بين شعبي البلدين؟
تولي القنصلية العامة أهمية كبيرة للتبادل الثقافي الثنائي، وتواصل تنظيم أنشطة ثقافية متنوعة.
في عام ٢٠٢٥، نظمت القنصلية أربع عروض فنية عالية المستوى خلال حفل السنة الصينية الجديدة، وفي دار أوبرا الإسكندرية، والمركز الإبداعي، شملت عروض الموسيقى والرقص والأكروبات الصينية التقليدية، لعرض الجوانب الفريدة والعميقة للثقافة الصينية.
كما تتعاون القنصلية بنشاط مع مختلف الجهات في الإسكندرية. ففي احتفالات محافظة الإسكندرية تم إنشاء منصات لعرض الثقافة الصينية وتجربة المأكولات الصينية، مع إبراز فنون مثل قص الورق والخط والرسم الصيني، وتقديم أطعمة صينية ومشروبات لتخفيف الحرارة للزوار
وتعاونت مع هيئة تنشيط السياحة لإقامة معرض خاص بالسياحة الصينية في فعاليات اليوم العالمي للسياحة
كما نظمت بالتعاون مع متحف المجوهرات الملكي فعالية بعنوان الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي بين الصين ومصر ونقله، تضمنت عروضًا رائعة
وأقيمت محاضرات عن الثقافة الطبية الصينية لتعريف الإعلام والجمهور بتاريخها العريق وعمقها الكبير.
ويمكن للراغبين متابعة المزيد من المعلومات عن هذه الأنشطة عبر الموقع الرسمي للقنصلية العامة الصينية في الإسكندرية وحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك.
هل هناك خطط لبرنامج منح دراسية في الجامعات الصينية للطلاب المصريين؟
مع التقدم المستمر لمبادرة "الحزام والطريق"، تتسع آفاق التعاون والتبادل بين مصر والصين في مجال التعليم، ويزداد عدد الطلاب المصريين الراغبين في الدراسة في الصين سنويا.
تتضمن الجامعات الصينية برامج منح دراسية موجهة لجميع الطلاب المصريين الطامحين للدراسة في الصين، ويمكن للراغبين متابعة المعلومات ذات الصلة للاطلاع على تفاصيل التقديم.
كيف تقيّمون حماسة المصريين لتعلّم اللغة الصينية واتجاهات هذا التعلّم؟
يملك تعليم اللغة الصينية في مصر أساسًا تاريخيًا ورغبةً واقعية، حيث يواصل “الولع باللغة الصينية” في مصر نموّه بشكل ملحوظ. وتُعدّ مصر أول دولة عربية وإفريقية تُدرج تعليم اللغة الصينية، إذ بدأت في إعداد الكفاءات المتخصّصة في الصينية منذ عام 1958. وبعد سنوات من التطوّر، حقق تعليم اللغة الصينية في مصر نتائج واضحة؛ فعلى مستوى التعليم العالي، افتتحت 28 جامعة مصرية برامج أو مقررات للغة الصينية موزعة على مختلف المدن، إضافة إلى تأسيس 4 معاهد كونفوشيوس و2 من فصول كونفوشيوس. أما في التعليم قبل الجامعي، فقد دُمجت اللغة الصينية بالكامل ضمن منظومة التعليم الوطني، حيث تُدرّس في 41 مدرسة ثانوية كلغة اختيارية، بينها 20 مدرسة أُضيفت هذا العام، بما يحقق مسارًا متكاملاً لإعداد الكفاءات من المرحلة المدرسية وصولًا إلى الدكتوراه.
وقد حصد المتسابقون المصريون مراكز متقدمة عالميًا في مسابقات “جسر اللغة الصينية” للطلاب الجامعيين والثانويين عبر الدورات المختلفة. كما يواصل القنصلية العامة دعمها لبرامج تعليم الصينية في جامعتين وست مدارس ثانوية في الإسكندرية، مع خطط لافتتاح المزيد من المدارس التي تقدّم تعليم اللغة الصينية؛ كما نظّمت القنصلية العامة في الإسماعيلية التصفيات الإقليمية لمسابقة “جسر اللغة الصينية”، مما أتاح منصّة أوسع لتميّز الطلاب المصريين.
وفي المستقبل، ستعمل الصين على تسريع وتوسيع مسار انفتاحها التعليمي، من خلال نموذج تعاون مترابط يقوم على "تعليم اللغة، التدريب المهني، والتوظيف في السوق"، بما يجعل تعليم اللغة الصينية أكثر قدرة على خدمة معيشة المواطن المصري ودعم ازدهار الاقتصاد، وتعزيز مسيرة النهضة الحضارية لدى الجانبين. كما تعرب الصين عن استعدادها للعمل مع الجانب المصري لتنفيذ مذكرة التفاهم على نحو فعّال، وفتح آفاق جديدة للتعاون التعليمي والثقافي بين البلدين، وإضفاء زخم جديد على الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر
كيف تنظر الصين إلى المستجدات الأخيرة في قضايا الشرق الأوسط وتأثيرها على التعاون الاقتصادي الثنائي، وخصوصًا القضية الفلسطينية؟
لقد لاحظنا أنه خلال "قمة السلام" التي عُقدت في شرم الشيخ في 13 أكتوبر، أعلنت مصر توصّل حماس وإسرائيل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من ترتيبات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وترحّب الصين بكل الجهود الرامية إلى استعادة السلام وإنقاذ الأرواح، كما تبدي تفاؤلًا تجاه معالجة المشكلات التي نتجت عن جولة الصراع الأخيرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما في ذلك أمن الملاحة في البحر الأحمر ومسائل عبور قناة السويس.
وتُعدّ القضية الفلسطينية جوهر قضية الشرق الأوسط. وقد استمرّت أزمة غزة لعامين، وأسفرت عن وفاة ما يقرب من سبعين ألف مدني، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة. ولا يزال الوضع في غزة شديد الخطورة، حيث ما زال مليونا مواطن في دائرة الخطر. وتعبّر الصين عن بالغ قلقها إزاء الحوادث المتكررة التي تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار وتتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين، وتدعو جميع الأطراف، وخاصة الجانب الإسرائيلي، إلى الالتزام بمتطلبات اتفاق وقف إطلاق النار والسعي نحو تحقيق وقف شامل ودائم للأعمال العسكرية.
وتؤكد الصين استعدادها للعمل مع المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر، من أجل الدفع نحو وقف شامل ودائم لإطلاق النار، والتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية، وتنفيذ "حلّ الدولتين"، وصولًا إلى تحقيق تسوية عادلة ودائمة وشاملة للقضية الفلسطينية.
كيف تقيّم الصين دور مصر في الحفاظ على استقرار المنطقة؟
تشهد الساحة الدولية والإقليمية في المرحلة الراهنة تغيرات معقّدة، ويستمرّ الاضطراب في مناطق متعددة، فيما تتزايد التحديات العالمية. وتُعدّ مصر عضوًا مهمًا في دول الجنوب العالمي، وقد دأبت على اتباع نهج مستقل، والسعي إلى التنمية والنهضة، والدفاع عن الإنصاف والعدالة. وقد أسهمت إسهامًا كبيرًا في الحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وفي تعزيز التنمية العالمية.
وتدعم الصين اضطلاع مصر بدور أكبر في الشؤون الدولية والإقليمية، وترغب في تعزيز التنسيق والتعاون مع الجانب المصري في المنصّات متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون وآلية تعاون دول بريكس، والعمل معًا على ترسيخ تعددية قطبية عالمية تقوم على المساواة والنظام، وتعزيز عولمة اقتصادية أكثر شمولًا وانفتاحًا، وحماية العدالة الدولية والمصالح المشتركة للدول النامية.
ما الانطباعات التي كوّنتها عن مدينة الإسكندرية منذ وصولكم إليها؟
تحمل الإسكندرية لقب "عروس البحر المتوسط"، وقد تركت في نفسي انطباعًا عميقًا بما تضمه من آثار تعود إلى العصر الهلنستي، مثل المنارة والمسرح الروماني. كما أن مكتبة الإسكندرية، باعتبارها نافذة مصر للتواصل الثقافي مع العالم، تقدّم تفسيرًا مبتكرًا لمكتبتها القديمة، ما يجعلها صرحًا ثقافيًا فريدًا. كذلك فإن جمال الطبيعة في الإسكندرية ومحيطها من المدن والريف، وما يميّزه من هدوء وبساطة الحياة الريفية، يضفي جاذبية خاصة على هذه المنطقة.
ويمثّل أهل الإسكندرية بالنسبة إليّ مشهدًا فريدًا آخر من جمالية مصر. فهم يتميّزون بالحيوية والثقة بالنفس وحسن الضيافة والكرم، ويحملون إرثًا حضاريًا عريقًا وثقافة تتسم بالانفتاح والتسامح، تجمع بين احترام المعتقدات الدينية والتقبّل الإيجابي للثقافات القادمة من الخارج. وفي حياتي اليومية وعملي، كثيرًا ما يبادر مصريون لا أعرفهم إلى إلقاء التحية عليّ، وهو ما يعكس أصدق صور الصداقة الشعبية بين الصين ومصر.
وإلى جانب جمالها الطبيعي، تمتلك الإسكندرية ميناءً يُعدّ من أهم الموانئ المصرية، إذ يمرّ عبره نحو 70٪ من حركة التجارة الخارجية، ما يجعلها ركيزة أساسية للاقتصاد المصري. وقد زرت عددًا من الشركات الصينية العاملة في محيط الإسكندرية، وتبادلتُ الحوار مع زملائنا المصريين في الغرفة التجارية، وجمعية رجال الأعمال، وهيئة تنشيط السياحة بالإسكندرية. وقد أجمع الجميع على أن تزايد عدد الشركات والسياح الصينيين الوافدين إلى الإسكندرية يؤكد ما تتمتع به المدينة ومحيطها من إمكانات تنموية هائلة وجاذبية لا تنضب.
وستواصل القنصلية العامة العمل على تعميق علاقات الصداقة بين الصين والإسكندرية، وتعزيز دورها كنموذج بارز للتعاون الصيني–المصري والصيني–العربي.
خلال فترة عملكم، هل لديكم تجارب خاصة أو ذكريات لا تُنسى تودون مشاركتها معنا؟
بصفتها ميناءً مهمًا على ساحل البحر المتوسط، تُعدّ الإسكندرية إحدى المحطات الأساسية على طريق الحرير القديم، وقد شهدت عبر آلاف السنين التفاعل المتبادل بين الحضارتين الشرقية والغربية. وفي السنوات الأخيرة، جرى اكتشاف مجموعة من الآثار التي وصلت عبر طريق الحرير في مياه أبو قير، ما يعكس التلاقي التاريخي بين الحضارتين الصينية والمصرية. وفي شهر أغسطس من هذا العام، تشرفت بتمثيل الجانب الصيني للتوقيع مع الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الآثار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه، وذلك في مكتبة الإسكندرية. وسيعمل الجانبان على إنشاء مركز صيني–مصري للآثار البحرية والتراث المغمور بالمياه في الإسكندرية، بما يسمح بإتاحة المزيد من الكنوز الأثرية تحت الماء لتروي قصصًا جديدة عن التبادل الحضاري بين الجانبين.
وفي سبتمبر الماضي، زرتُ مزرعة للفاكهة التنينية (الدراغون فروت) يديرها أحد المواطنين الصينيين في برج العرب بالإسكندرية، وتعرّفتُ هناك على أن هذه المزرعة توفر نحو 85٪ من احتياجات السوق المصرية من هذه الفاكهة، وبأسعار أقل من الأعوام السابقة، مما يُتيح لعدد أكبر من المصريين تذوّق هذه الفاكهة الصينية الصحية والمميزة. وقد لامستُ شخصيًا كيف أصبحت ثمرة صغيرة مثل الفاكهة التنينية جسرًا جديدًا للتواصل الإنساني بين الشعبين، في مشهد يعكس عمق العلاقات الصينية–المصرية وازدهارها المتواصل، وهو أمر أثّر فيّ بشكل كبير.