جعفر بن أبي طالب.. الصحابي الذي أبكى النجاشي وأبدله الله بجناحين في الجنة
قصة جعفر بن أبي طالب رضي الله (جعفر الطيار) عنه واحدة من قصص الصحابة الفريدة من نوعها حيث رجل لا يعرف الاستسلام وإن مزق جسده وقطعت يداه، لذا كان له جناحين في الجنة فما قصته؟
من هو جعفر بن أبي طالب
هو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخو أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب.
لقد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف صحيح لقد رأيت جعفر في الجنة له جناحان مدرجان بالدماء وهو مصبوغ القوادم .
كان أبو طالب والد جعفر على الرغم من سمو شرفه في قريش وعلو منزلته في قومه رقيق الحال كثير العيال ولم يكن في بني هاشم يومئذ أيسر من محمد بن عبد الله ومن عمه العباس فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس : يا عم إن أخاك أبو طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من شدة القحط ومضض الجوع أي ألمه فانطلق بنا إليه حتى نحمل عنه بعض عياله فأخذ أنا فتى من بنيه وتأخذ أنت فتى آخر فنكفيهما عنه .
فقال العباس لقد دعوت إلى خير وحضضت على بر وحثثت على معروف فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له إنا نريد أن نخفف عنك بعض ما تحمل من عبء عيالك حتى ينكشف هذا الضر الذي مس الناس .
فقال لهما إذا تركتما لي عقيلا وهو أحد أبنائه فاصنعا ما شئتما فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم عليا وضمه إليه وأخذ العباس جعفر وجعله في عياله.
فلم يزل علي مع محمد حتى بعثه الله بدين الهدى والحق فكان أول من آمن من الفتيان وظل جعفر مع عبه العباس حتى شب وأسلم واستغنى عنه.
انضم جعفر بن أبي طالب إلى ركب النور هو وزوجته أسماء بنت عميس منذ أول الطريق حتى أسلم على يدي الصديق رضي الله عنه قبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم لدعوة الناس إلى الإسلام.
ولقي الفتى الهاشمي وزوجه الشاب من أذى قريش ونكالها ما لقيه المسلمون الأولون فصبر على الأذى لأنهما كان يعلمان أن طريق الجنة مفروش بالأشواك محفوف بالمكاره محاط بالمصاعب والآلام وكانت قريش تحول بينهم في ممارسة أداء شعائر الإسلام وتحرمهم من أن يتذوقوا لذة العبادة وحلاوة الطاعة التي تسمو بروحهم إلى الملا الأعلى.
الهجرة إلى الحبشة
حين ذاك استأذن جعفر بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه بأن يهاجر وزوجه ونفر من الصحابة الذين سبقوا إلى الإسلام إلى الحبشة فأذن لهم صلى الله عليه وسلم على مضض وحزن عظيم إذ كان يعز على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفارق هؤلاء الأطهار الأبرار ديارهم التي رتعوا فيها ولعبوا وهم صغار وقضوا فيها عهد الشباب دون ذنب جنوه إلا أنهم قالوا ربنا الله.
مضى ركب المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب واستقروا في حمى ملكها النجاشي العادل الصالح.
لكن قريشا لم تترك المهاجرين إلى أرض الحبشة من المؤمنين الأولين ينعمون بهذه الإقامة الآمنة والضيافة الكريمة حتى بعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة إلى أرض الحبشة محملين بالهدايا النفيسة الثمينة للبطارقة وللنجاشي ملك الحبشة وتحت تأثير بريق الهدايا استدعى النجاشي المقيمين من المسلمين من الصحابة في بلده وقال لهم ما هذا الدين الذي استحدثتموه لأنفسكم وفارقتم بسببه دين قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أي من هذه الملل؟
حوار جعفر والنجاشي
فتقدم منه جعفر بن أبي طالب وقال أيها الملك: كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف وبقينا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وقد أمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم وحقن الدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وعن أكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وأن نقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونصوم رمضان فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من عند الله فحللنا ما أحل لنا وحرمنا ما حرم علينا فما كان من قومنا أيها الملك إلا أن عدوا علينا فعذبونا أشد العذاب ليفتنونا عن ديننا ويردونا إلى عبادة الأوثان فلما ظلمونا وقهرونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك فالتفت النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وقال هل معك شيء مما جاء به نبيكم من الله ؟ قال نعم:
قال فاقرأه عليه فقرأ من أوائل سورة مريم فبكى النجاشي حتى تبللت لحيته بالدموع وبكى الأساقفة الحاضرون المجلس لسماعهم كلام الله عز وجل وأعلنها النجاشي مدوية صعقت مسامع رسولي قريش.
إن هذا الذي جاء به نبيكم والذي جاء به عيسى لا يخرج من مشكاة واحدة ثم التفت إلى عمرو وصاحبه وقال لهما :انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكم أبدا.







