عاجل

"مذكرة هال".. خطأ ترجمة يجر واشنطن لمواجهة اليابان العسكرية

واشنطن
واشنطن

سلمت الحكومة الأمريكية اليابان في السادس والعشرين من نوفمبر 1941، ما عرف تاريخيًا باسم "مذكرة هال"، والتي حملت طابع إنذار نهائي، حيث تضمنت سلسلة مطالب صارمة أعتبرت سببًا رئيسيًا في دفع اليابان لاتخاذ قرار الدخول في الحرب وشن الهجوم المفاجئ على قاعدة بيرل هاربور البحرية الأمريكية.

المطالب الأمريكية الحساسة وانسحاب القوات من الصين والهند الصينية

سميت الوثيقة باسم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، كورديل هال، واشتملت على مطالب حساسة بالنسبة لليابان، أبرزها الانسحاب الكامل للقوات اليابانية من الصين والهند الصينية، مع احتمال استثناء إقليم مانشوكو، بالإضافة إلى انسحاب اليابان من المعاهدة الثلاثية التي كانت تربطها بألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.

سوء الترجمة وتأجيج أزمة الثقة بين واشنطن وطوكيو

شهدت المفاوضات سوء فهم ناتج عن خطأ في الترجمة، حيث ترجمت عبارة يابانية مرتبطة بـ"خطة التسوية النهائية" على أنها "اقتراح نهائي تمامًا"، مما جعل واشنطن تتعامل مع الرد الياباني كإنذار قطعي، وزاد من عمق الأزمة وانعدام الثقة بين الطرفين.

رد اليابان واعتبار المذكرة استسلامًا مذلًا

وردًا على مذكرة هال، اجتمع رئيس الوزراء الياباني، هيديكي توجو، مع مجلس وزرائه، واعتبر المذكرة الأمريكية إنذارًا نهائيًا لا يحتمل التأويل، معتبرًا أن قبول شروطها يعني التخلي الكامل عن أهداف اليابان الاستراتيجية والتوسعية في الصين وشرق آسيا، وهو ما اعتبرته طوكيو استسلامًا مذلًا دون قتال.

واجهت المذكرة معارضة إقليمية من قوى مثل الصين وبريطانيا، مما زاد من عزلة اليابان الدبلوماسية.

وتمسكت طوكيو بسياسة توسعية لإنشاء ما أسمته "منطقة الازدهار المشترك في شرق آسيا الكبرى"، مع الاستعداد لاستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر.

<strong>مذكرة هال</strong>
مذكرة هال

وأدت مذكرة هال إلى انهيار المسار الدبلوماسي بين البلدين، ونتج عنها الهجوم الياباني على بيرل هاربور في السابع من ديسمبر 1941، مما دفع الولايات المتحدة رسميًا إلى دخول الحرب العالمية الثانية، تبعتها إعلان ألمانيا النازية الحرب على الولايات المتحدة، موسعة نطاق الصراع العالمي، واستغلت اليابان الزخم العسكري للسيطرة على هونغ كونغ وغوام وتايلاند ومعظم مناطق جنوب شرق آسيا.

أبرز بنود مذكرة هال ورؤية السلام في المحيط الهادئ

تضمنت مذكرة هال، رسميًا "مخطط الأساس المقترح للاتفاقية بين الولايات المتحدة واليابان"، رؤية شاملة للسلام في المحيط الهادئ، قائمة على مبادئ مثل سلامة الأراضي، عدم التدخل، وتكافؤ الفرص التجارية، وشملت أبرز مطالبها سحب اليابان لقواتها العسكرية من الصين والهند الصينية، والاعتراف بحكومة شيانغ كاي شيك كممثل شرعي وحيد للصين، وتوقيع اتفاقية عدم اعتداء متعددة الأطراف وفتح باب التجارة الدولية دون تمييز، مقابل رفع القيود عن الأصول اليابانية المجمدة واستئناف المفاوضات التجارية وتثبيت سعر صرف الين مقابل الدولار.

قدمت اليابان بدورها مقترحين في نوفمبر 1941، أحدهما يتعلق بالانسحاب من جنوب الهند الصينية مقابل توقف الدعم الأمريكي للصين واستئناف إمدادات النفط لليابان، إلا أن الهجوم على بيرل هاربور قضى على أي سبيل لتسوية سلمية.

وقدمت طوكيو رسالة طويلة للوزير هال بعد الهجوم، دانت فيها المذكرة الأمريكية ووصفتها بفرض أحادي الجانب يتجاهل الحقائق ويعيق قيام "النظام الجديد في شرق آسيا".

هكذا اختزلت مذكرة هال في التاريخ كرمز لانهيار المفاوضات بين الولايات المتحدة واليابان، وتحولت من محاولة أمريكية للحد من التوسع الياباني إلى السبب المباشر لانخراط البلدين في الحرب العالمية الثانية.

تم نسخ الرابط