00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

مباح أم محرم.. حكم استعمال الخلفيات الموسيقية في المقاطع الدينية أو التعليمية

الخلفيات الموسيقية
الخلفيات الموسيقية

ما حكم استعمال الخلفيات الموسيقية في مقاطع الفيديو الدينية أو التعليمية؟، سؤال أجابه الدكتور محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف.

ما حكم استعمال الخلفيات الموسيقية في مقاطع الفيديو الدينية أو التعليمية؟

وقال «العشماوي»: «في حفظي القديم أن تحريم الاستماع إلى الموسيقى؛ ليس قطعيًا، ولا كليًا، ولا هو محل إجماع، كما يعلم ذلك الفقهاء من أهل الصنعة، خلافا لمن تعلقوا بظواهر بعض النصوص المحرمة، وغفلوا عن غيرها من النصوص المبيحة، كما غفلوا عن مذاهب الفقهاء في المسألة، وكأن الفقهاء لم يبلغهم هذه النصوص المحرمة، ولم يحسنوا الاستنباط، حتى جاء هؤلاء المتأخرون، فحكموا بالتحريم القطعي، دون مراعاة للخلاف».

وقد سئل فضيلة الإمام الأكبر، جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الشريف - رحمه الله - هذا السؤال، إِبَّانَ كان مفتيا للديار المصرية، وهو من أصحاب الديانة والورع والأمانة، في نظر الموافق والمخالف، فكان نص جوابه: "يجوز شرعًا الاستماع إلى الموسيقى، بسائر أشكالها، بشرط ألا يقارنها ما هو محرمٌ شرعًا، كشرب الخمر، أو الغناء الماجن، وبشرط ألَّا تكون مما يحرك الغرائز المحرمة، ويبعث على الفسوق.

وقد ورد في جوازها - بهذه الشروط - جملة من الآثار والروايات في كتب السنَّة، ونُقُول الأئمة، حتى إن بعض الأئمة أفرد التصنيف بجوازها، وعلى ذلك يدل ظاهر النصوص القرآنية؛ كنحو قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: 32]، وقوله تعالى في الآية التي بعدها: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ إلى آخر الآية الكريمة [الأعراف: 32-33]".

ومن النقول التي أوردها عن الأئمة؛ ما ذكره ابن القيسراني في كتاب [السماع]، من قوله: "وأما القول في استماع القضيب والأوتار، ويقال له: التغبير، ويقال له: الطقطقة أيضًا، فلا فرق بينه وبين الأوتار؛ إذ لم نجد في إباحته وتحريمه أثرًا، لا صحيحًا ولا سقيمًا، وإنما استباح المتقدمون استماعه؛ لأنه مما لم يرد الشرع بتحريمه، فكان أصله الإباحة، وأما الأوتار فالقول فيها كالقول في القضيب، لم يرد الشرع بتحريمها ولا بتحليلها، وكل ما أوردوه في التحريم؛ فغَيْرُ ثاَبتٍ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقد صار هذا مذهبًا لأهل المدينة، لا خلاف بينهم في إباحة استماعه، وكذلك أهل الظاهر بنوا الأمر فيه على مسألة الحظر والإباحة". انتهى.

وأما القول في المزامير والملاهي، فقد وردت الأحاديث الصحيحة بجواز استماعها، كما يدل على الإباحة قول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: 11].

وبيان هذا من الأثر ما أخرجه مسلم في (باب الجمعة) عن جابر بن سَمُرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب؛ فقد والله صليت معه أكثر من ألف صلاة".

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أنه كان يخطب قائمًا يوم الجمعة، فجاءت عير من الشام، فأقبل الناس إليها حتى لم يبقَ إلا اثنا عشر رجلًا، فأُنزلت هذه الآية".

وأخرج الطبري هذا الحديث عن جابر رضي الله عنه، وفيه: "كان الجواري إذا نُكحوا؛ كانوا يمرُّون بالكَبَر - الطبل الكبير - والمزامير، ويتركون النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم قائمًا على المنبر، وينفضُّون إليها، فأنزل الله هذه الآية".

قال ابن القيسراني: "والله - عز وجل - عطف اللهو على التجارة، وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه في الجاهلية؛ لأنه غير محتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرَّمه، ثم يمرُّ به على باب المسجد يوم الجمعة، ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا، وخرج ينظر إليه، ويستمع، ولم ينزل في تحريمه آية، ولا سنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه سُنَّة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله!

ويزيد ذلك بيانًا ووضوحًا، ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها "أنها زَفَّت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أما كان معكن من لهو؛ فإن الأنصار يعجبهم اللهو". وهذا الحديث أورده البخاري في "صحيحه" في [كتاب النكاح]". انتهى.

ونقل القرطبي في [الجامع لأحكام القرآن] قول القشيري: "ضُرِبَ بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم دخل المدينة، فهمَّ أبو بكر رضي الله عنه بالزَّجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "دعهن يا أبا بكر؛ حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح".

فكنَّ يضربْنَ ويقُلْنَ: "نحن بنات النجار، حبذا محمد من جار".

ثم قال القرطبي: "وقد قيل: إن الطبل في النكاح كالدف، وكذلك الآلات المشهرة للنكاح، يجوز استعمالها فيه، بما يحسن من الكلام، ولم يكن فيه رفث". انتهى.

وبنحوه قال ابن العربي في [أحكام القرآن].

ونقل الشوكاني في [نيل الأوطار]، وهو شرح [منتقى الأخبار] لابن تيمية الجد، وهو جد ابن تيمية الذي يقال له شيخ الإسلام، في (باب ما جاء من آلة اللهو) أقوال المحرِّمين والمبيحين، وأشار إلى أدلة كلٍّ من الفريقين، ثم عقَّب على حديث: "كل لهو يلهو به المؤمن؛ فهو باطل؛ إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه". رواه الدارمي، بقول الغزالي: "قلنا: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "فهو باطل"؛ لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة".

ثم قال الشوكاني: "وهو جواب صحيح؛ لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح". انتهى.

وساق الشوكاني أدلة أخرى في هذا الصدد، من بينها حديث "مَن نَذَرَت أن تضرب بالدف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ إن رده الله سالمًا من إحدى الغزوات، وقد أذن لها عليه صلوات الله وسلامه بالوفاء بالنذر والضرب بالدف".

فالإذن فيه يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية في مثل ذلك الموطن.. وأشار الشوكاني إلى رسالة له؛ عنوانها: [إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع]!

وفي [المحلى] لابن حزم: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى".

فمن نوى استماع الغناء عونًا على معصية الله تعالى؛ فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه؛ ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك على البر؛ فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينوِ طاعةً ولا معصية؛ فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزهًا، وقعوده على باب داره متفرجًا". انتهى.

وعقد البخاري في [صحيحه] بابًا بعنوان (كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله)، وعقب القسطلاني في (إرشاد الساري] على هذا العنوان بقوله: "ولو كان مأذونًا فيه؛ كمن اشتغل بصلاة نافلة أو تلاوة أو ذكر أو تفكَّر في معاني القرآن الكريم حتى خرج وقت المفروضة عمدًا". انتهى.

وفي فتوى للإمام الأكبر المرحوم الشيخ محمود شلتوت (ص375-385، ط. الإدارة الثقافية بالأزهر) في تعلم الموسيقى وسماعها: "إن الله خلق الإنسان بغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التي يجد لها أثرًا في نفسه، به يهدأ وبه يرتاح، وبه ينشط وتسكن جوارحه، فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة: كالخضرة المنسقة، والماء الصافي، والوجه الحسن، والروائح الزكيَّة، وإن الشرائع لا تقضي على الغرائز، بل تنظمها، والتوسط في الإسلام أصل عظيم أشار إليه القرآن الكريم في كثير من الجزئيات، منها قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: 31]، وبهذا كانت شريعة الإسلام موجهة الإنسان في مقتضيات الغريزة إلى الحد الوسط، فلم تنزل لانتزاع الغريزة في حب المناظر الطيبة ولا المسموعات المستلذة، وإنما جاءت بتهذيبها وتعديلها إلى ما لا ضرر فيه ولا شر...

وأضاف الإمام الأكبر في هذه الفتوى، أنه قرأ في الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادي عشر المعروفين فيه بالورع والتقوى رسالة هي [إيضاح الدلالات في سماع الآلات]، للشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي، قرر فيها أن الأحاديث التي استند إليها القائلون بالتحريم - على فرض صحتها - مقيدة بذكر الملاهي، وبذكر الخمر والقينات والفسوق والفجور، ولا يكاد حديث يخلو من ذلك، وعليه كان الحكم عنده في سماع الأصوات والآلات المطربة؛ أنه إذا اقترن بشيء من المحرمات، أو اتخذ وسيلة للمحرمات، أو أوقع في المحرمات؛ كان حرامًا، وأنه إذا سلم من كل ذلك؛ كان مباحًا في حضوره وسماعه وتعلمه، وقد نُقِلَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء؛ أنهم كانوا يسمعون، ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمحرَّم، وذهب إلى مثل هذا كثيرون من الفقهاء!

وانتهت الفتوى إلى أن سماع الآلات ذات النغمات أو الأصوات الجميلة؛ لا يمكن أن يحرَّم باعتباره صوت آلة، وإنما يحرَّم إذا استعين به على محرم، أو اتخذ وسيلة إلى محرم، أو أَلْهى عن واجب". انتهى.

وشدد: بهذا يتضح أن سماع الموسيقا المحرم؛ هو ما صاحَبه محرم، أو قُصد به محرم، أو شغل عن واجب، فأما إذا استعين به على مباح، كالترويح عن النفس، أو التشويق لسماع مقطع فيديو ديني أو تعليمي؛ فلا حرج فيه شرعا!

تم نسخ الرابط