وزارة الأوقاف : ظاهرة الرشوة من أخطر الظواهر التي تهدد مسيرة الإصلاح
قالت وزارة الأوقاف ان ظاهرة الرشوة إحدى أخطر الظواهر التي تهدد مسيرة الإصلاح، فهي تدمر القيم وتهدد النزاهة وتخلق حالة من الإحباط والانكسار بين المواطنين، ومع كل جهد يبذل من الدولة لمكافحتها تزداد الحاجة لإلقاء الضوء على ماهيتها وأضرارها ورأي الشرع فيها وبيان ما يعود على المجتمع من فائدة بعد علاجها.
مرض خطير يعصف بجسد المجتمع
وأوضحت وزارة الأوقاف الرشوة ليست مجرد سلوك فردي معزول، بل هي تعبير عن مرض خطير يعصف بجسد المجتمع في هدوء، ويهدم أعمدة العدالة والنزاهة من الداخل، وإذا أردنا أن نصف هذه الظاهرة بشكل منضبط يمكن القول إنها ذلك المقابل غير المشروع، المالي أو المعنوي، الذي يقدم بقصد التأثير على سلطة ما أو وظيفة لتحقيق منفعة خاصة لا تمنح لصاحبها استحقاقا، بل تنتزع اغتصابا، وقد عرفها الجرجاني بأنها "ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل" وتتنوع أشكال الرشوة بين المال المباشر والهدايا والعطايا أو حتى الخدمات الخاصة، وكلها تدخل تحت ما يعرف بأخذ المال بغير حقه.
غض الطرف عن مخالفة
ولفتت وزارة الأوقاف إلى أن الرشوة - غالبا - تبدأ بنية الحصول على منفعة صغيرة، وربما تبرر بأنها تيسير لبعض الإجراءات أو تعويض عن سوء الخدمة، لكنها سرعان ما تتحول إلى أسلوب حياة تتغلغل في خلايا المؤسسات، فتفسد الإدارات، وتخرب قرارات التعيين والترقية، وتصبح الوسيلة الأسرع لتجاوز القوانين أو فرض المصلحة الخاصة على العامة، وإن أخطر ما في الرشوة أنها تشرعن الفساد على مستوى السلوك الفردي، وتجعل الالتزام بالحق يبدو وكأنه بطء إداري في حين يصبح الفساد طريقا أسرع وأكثر فعالية، وهو قلب لمنطق الأخلاق والمؤسسات , لافتة إلى أن مظاهر الرشوة تقديم المال أو الهدايا لموظف عام للحصول على خدمة غير مستحقة , وطلب موظف عام رشوة لتسهيل إجراءات أو غض الطرف عن مخالفة.
استغلال النفوذ أو المنصب لتحقيق مصالح شخصية
ما من الناحية الشرعية، فإنه مما لا شك فيه أن الشريعة الإسلامية جاءت آمرة بالمحافظة على الضروريات الخمس – الدين والنفس والعقل والعرض والمال – وعلى ذلك دارت أحكامها؛ ليقوم المجتمع الإسلامي الذي ينال فيه كل امرئ حقوقه؛ لذا كانت الرشوة محرمة بكل أشكالها ومسمياتها التي استحدثت – الإكرامية، الهدية للموظف وقت مسئوليته، الدخان، بلا خلاف بين أهل العلم [الإقناع، لمحمد الخطيب الشربيني، دار الفكر، بيروت، ٤/٢٣٢]، وقد ورد التحذير منها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، في نصوص صريحة واضحة لا تحتمل التأويل، قال تعالى: {ولا تأۡكلوٓا أمۡوٰلكم بيۡنكم بٱلۡبٰطل وتدۡلوا بهآ إلى ٱلۡحكام لتأۡكلوا فريقٗا منۡ أمۡوٰل ٱلناس بٱلۡإثۡم وأنتمۡ تعۡلمون} [البقرة: ١٨٨]، وهذا نص شديد يشير إلى تقديم المال للقضاة والحكام كوسيلة للاستيلاء على حقوق الآخرين، وهو عين الرشوة، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما»؛ أي أن اللعنة تشمل من يدفع ومن يأخذ ومن يتوسط بينهم [المستدرك على الصحيحين، للحاكم النيسابوري، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، وجاء في (المغني): "الرشوة: ما يبذل لإبطال حق أو إحقاق باطل فهي محرمة، ولا يجوز إعطاؤها ولا أخذها، وعليه إجماع المسلمين" .
وأكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز دفع الرشوة إلا في حالة الضرورة كدفع ظلم أو استرداد حق بشرط أن يكون الإثم على الآخذ لا الدافع [دار الإفتاء المصرية، فتوى رقم ٤٨٧، موقع دار الإفتاء الرسمي].



