يسري جبر: حضور القلب مع ذكر الله يحتاج تدريبًا ومجاهدة
قال الدكتور يسري جبر من علماء الأزهر الشريف، إن حضور القلب أثناء ذكر الله تعالى ليس أمرًا يتحقق تلقائيًا، بل يحتاج إلى تدريب و مجاهدة للنفس، سواء كان الإنسان يذكر الله في بيته أو في الشارع أو بين الناس، مشيرا إلى أن هذه الحالة من الحضور القلبي لا تأتي إلا بالممارسة المستمرة والتمرين الروحي.
تفريغ القلب من الغفلات
وأوضح الدكتور يسري جبر خلال حلقة برنامج " اعرف نبيك "، المذاع على قناة الناس اليوم السبت، أن الله سبحانه وتعالى جعل الصلوات الخمس بمثابة تدريب يومي للمؤمن، ينتزع فيها نفسه من مشاغله الدنيوية ليقول "الله أكبر"، فيجمع بين لسانه وقلبه في الذكر، مضيفًا: "الله أعطاك خمس فرص في اليوم لتفريغ قلبك من الغفلات والانشغالات، فإذا اعتدت على الحضور في الصلاة، ستجد قلبك حاضرًا في كل موضع، حتى في زحام الحياة".
نبضات القلب تردد اسم الله
وأوضح الدكتور يسري جبر أن الإنسان إذا داوم على هذا التدريب، سيصل إلى مرحلة يصبح فيها ذكر الله حاضرًا في قلبه دائمًا، حتى أثناء النوم، مشيرا إلى أن بعض العارفين بالله وصفوا هذه الحالة بأن نبضات القلب نفسها تردد اسم الله.
التربية الصوفية التي تعلِّم المريدين المواظبة على الذكر
وأشار الدكتور يسري جبر إلى أن السادة النقشبندية سمّوا بهذا الاسم لأنهم "ينقشون ذكر الله في قلوبهم"، أي يجعلونه محفورًا في وجدانهم لا يغيب أبدًا، معتبرًا أن هذا هو المقصود من التربية الصوفية التي تعلِّم المريدين المواظبة على الذكر وحضور القلب فيه.
راحة القلب مع الله
وأكد الدكتوريسري جبر على أن المؤمن يمكنه أن يجمع بين العمل في الدنيا وراحة القلب مع الله ، قائلًا: "خلي عقلك في الأسباب، وقلبك مستريح مع ربك".
https://youtu.be/Dzzt4w2S6D8?si=1w_vtzQaZ5vk2K1E
وتمثل مجاهدة النفس أساس كل إصلاح، فصلاح الإنسان يبدأ من داخله، ومن تغلبه على نوازع الغضب والطمع والأنانية. وكلما زكّى المرء نفسه وطهّرها من الأهواء والذنوب، اقترب من ربه ونال رضاه، مصداقًا لقوله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" (الشمس: 9-10).
إن مجاهدة النفس لا تعني حرمانها من المباحات، بل تعني الاعتدال والالتزام، وضبط الرغبات بما يوافق شرع الله، والتسامي عن الحرام، والصبر على الطاعة، والبعد عن المعصية. وهي معركة يومية يخوضها المؤمن بين هواه وضميره، بين شهواته وإيمانه، يربحها من استعان بالله، وخسرها من استسلم لغفلة نفسه.



