00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

هل يجوز الصلاة بالتاتو الثابت (الوشم)؟.. دار الإفتاء توضح

الوشم
الوشم

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الوشم الثابت الذي فيه حبس الدم تحت الجلد حرام شرعًا باتفاق الفقهاء، وتلزم التوبة منه، وتجب إزالته إذا لم يكن في ذلك ضرر على صاحبه، أما إذا قرر المختصون بأن في إزالته ضررًا فإنه يجوز تركه وتكون الصلاة به صحيحةً على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، ولا إثم على صاحبه بعد التوبة.

هل يجوز الصلاة بالتاتو الثابت (الوشم)؟

التاتو أو الوشم نوعان: منه الثابت ومنه المؤقت؛ أما الثابت فهو الوشم بالمعنى القديم الذي يتم عن طريق إحداث ثقب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملأ هذه الفجوة بمادة صبغية، فتُحدث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد.
قال الإمام النووي: [الوشم وهو أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش، وقد تكثره وقد تقلله، وفاعلة هذا واشمة، والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك فهي مستوشِمة].

آراء الفقهاء في حكم الوشم الثابت


قد اتفق الفقهاء على نجاسة هذا النوع من الوشم ومن ثم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله». ففي هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأن اللعن الوارد في الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب الذم شرعًا.
قال العلامة ابن عابدين: [يستفاد مما مر حكم الوشم في نحو اليد، وهو أنه كالاختضاب أو الصبغ بالمتنجس؛ لأنه إذا غرزت اليد أو الشفة مثلًا بإبرة ثم حشي محلها بكحل أو نيلة ليخضر تنجس الكحل بالدم، فإذا جمد الدم والتأم الجرح بقي محله أخضر، فإذا غسل طهر؛ لأنه أثر يشق زواله؛ لأنه لا يزول إلا بسلخ الجلد أو جرحه].
وقال الشيخ العدوي المالكي: [(قوله: وعن الوشم) أي في الوجه أو غيره وهو النقش بالإبرة مثلًا حتى يخرج الدم ويُحشى الجرح بالكحل أو الهباب أو نحو ذلك مما هو أسود ليخضر المحل، والنهي للحرمة في حق الرجل والمرأة، والرجل أشد وهو كبيرة].
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي: [الوشم، وهو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يذر عليه نحو نيلة ليزرق أو يخضر بسبب الدم الحاصل بغرز الإبرة حرام].
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي بعد ذكر حديث النهي: [فهذه الخصال محرمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن فاعلها ولا يجوز لعن فاعل المباح].

علة تحريم الوشم الثابت


قد بيَّن الفقهاء علَّة تحريم هذا النوع من الوشم وهي ترجع إلى أمور، منها:
• ما يترتب على بقاء الوشم من التدليس والتغيير لخلق الله سبحانه وتعالى، كما جاء في نص الحديث السابق ذكره: «المغيرات خلق الله».
وما جاء في قول الله تعالى على لسان الشيطان: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾.
قال الإمام القرطبي: [وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول].
• ومنها ما فيه من إيلام للجسد بغرز الإبرة، وغرز الإبرة ضرر بالإنسان من غير ضرورة؛ ومن المعلوم شرعًا حرمة الإضرار بالنفس أو بالغير؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، وقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر والأضرار.
• ومنها أيضًا أن الوشم فيه مشابهة لما يفعله الفساق والجهال؛ قال الملا علي القاري: [وإنما نهي عنه؛ لأنه من فعل الفساق والجهال، ولأنه تغيير خلق الله، وفي “الروضة”: لو شق موضعًا من بدنه وجعل فيه وعاءً أو وشم يده أو غيرها، فإنه ينجس عند الغرز].
• ومنها ما يحدثه من نجاسة للموضع الموشوم بسبب الدم المختلط بالصبغ؛ قال الإمام النووي: [قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وشم يصير نجسًا].

حكم إزالة الوشم القديم وحكم الصلاة به


قد اتفق الفقهاء على أنه لا يجب إزالة هذا النوع من الوشم إذا كان في إزالته ضرر على صاحبه، كخوف فوات عضو أو منفعته، وتصح صلاته وإمامته حينئذٍ؛ وعلى أنه إن أمكن إزالته بالعلاج ولم يكن فيه ضرر على صاحبه وجبت إزالته ويأثم بتأخيره ولا إثم عليه بعد التوبة منه.
قال ابن عابدين: [فإذا غسل طهر؛ لأنه أثر يشق زواله؛ لأنه لا يزول إلا بسلخ الجلد أو جرحه، فإذا كان لا يكلف بإزالة الأثر الذي يزول بماء حار أو صابون فعدم التكليف هنا أولى، وقد صرح به في “القنية”، فقال: ولو اتخذ في يده وشمًا لا يلزمه السلخ… أي: بناء على نجاسة السن، وهو خلاف ظاهر المذهب، وقال العلامة البيري: ومنه يعلم حكم الوشمة، ولا ريب في عدم جواز كونه إمامًا بجامع النجاسة، ثم نقل عن “شرح المشارق” أنه قيل: يصير ذلك الموضع نجسًا، فإن لم يمكن إزالته إلا بالجرح فإن خيف منه الهلاك أو فوات عضو لم تجب وإلا وجبت، وبتأخيره يأثم، والرجل والمرأة فيه سواء].
وقال النفراوي المالكي: [الرابع: الوشم إذا وقع على الوجه الممنوع لا يكلف صاحبه بإزالته بالنار، بل هو من النجس المعفو عنه، فتصح الصلاة به، هذا هو المفهوم من كلام أهل مذهبنا].
وقال الخطيب الشربيني الشافعي: [فتجب إزالته ما لم يخف ضررًا يبيح التيمم، فإن خاف لم تجب إزالته، ولا إثم عليه بعد التوبة، وهذا إذا فعله برضاه كما قال الزركشي: أي بعد بلوغه، وإلا فلا تلزمه إزالته كما صرح به الماوردي، أي وتصح صلاته وإمامته، ولا ينجس ما وضع فيه يده مثلًا إذا كان عليها وشم].
وقال الإمام النووي: [مداواة الجرح بالدواء النجس، وخياطته بخيط نجس، كالوصل بعظم نجس، فيجب النزع حيث يجب نزع العظم، وكذا لو شق موضعًا من بدنه، وجعل فيه دمًا، وكذا لو وشم يده بالعظام، أو غيرها، فإنه ينجس عند الغرز، وفي تعليق الفراء أنه يزال الوشم بالعلاج، فإن لم يمكن إلا بالجرح، لا يجرح، ولا إثم عليه بعد التوبة].
ويقول أيضًا: [فإن أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته وإن لم يمكن إلا بالجرح فإن خاف منه التلف أو فوات عضو أو منفعة عضو أو شيئًا فاحشًا في عضو ظاهر لم تجب إزالته فإذا بان لم يبق عليه إثم وإن لم يخف شيئًا من ذلك ونحوه لزمه إزالته ويعصي بتأخيره وسواء في هذا كله الرجل والمرأة].
وقال الإمام الرحيباني الحنبلي: [(وإن خيط جرح أو جبر عظم) من آدمي (بخيط) نجس، (أو عظم نجس، فصح) الجرح أو العظم؛ (لم تجب إزالته) مع (خوف ضرر) على نفس أو عضو، أو حصول مرض؛ لأن حراسة النفس وأطرافها واجب، وأهم من مراعاة شرط الصلاة.. فإن لم يخف ضررًا لزمه.. (وتصح إمامته) أي من خيط جرحه، أو جبر عظمه بنجس (بمثله) قطعًا (ويتجه) بـ (احتمال) قوي (و) كذلك تصح إمامته (بغيره حيث صح تيمم لنجاسة) على بدن لعدم ماء، كما لو تضرر ما وضع على غير طهارة؛ إذ لا فرق بينهما، وهو متجه، (ومع عدم ضرر) بإزالته (تجب إزالته)؛ لأنه قادر على إزالته من غير ضرر، فلو صلى معه لم تصح].

حكم الوشم المؤقت الذي تستخدمه النساء للزينة


أما النوع الثاني منه وهو الوشم المؤقت، والذي تستخدمه بعض النساء للزينة: كتحديد العين بدل الكحل أو رسم الحواجب، أو عمل بعض الرسومات الظاهرية على الجلد باستخدام الصبغات التي تزول بعد فترة قصيرة من الوقت ولا تأخذ الشكل الدائم، فإنه داخل تحت الزينة المأذون فيها لا تحت الوشم المنهي عنه؛ قال الإمام المواق: [ولما ذكر عياض الوعيد في الوشم قال: وهذا فيما يكون باقيًا، وأما ما لا يكون باقيًا كالكحل فلا بأس به للنساء].
وقال الإمام الماوردي: [وأما الوشم بالحناء والخضاب فمباح، وليس مما تناوله النهي].
وقال الإمام القرطبي: [هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك].

تم نسخ الرابط