فساد العلاقة.. الإفتاء توضح حكم تجسس الخاطب على مخطوبته
أكدت دار الإفتاء أن تجسس الخاطب على مخطوبته أو تتبع عثراتها بأي صورة من الصور محرم شرعًا، وأن هذا السلوك يُعد اعتداءً على خصوصية الغير وانتهاكًا لحرمة النفس، ويأثم فاعله لما يترتب عليه من مفاسد أخلاقية واجتماعية، مشددة على ضرورة بناء علاقة الخطبة على الثقة المتبادلة والاحترام وحسن الظن، لا على الشك والريبة.
حكم تجسس الخاطب على مخطوبته
جاء ذلك ردًّا على سؤال ورد إلى دار الإفتاء حول حكم الدين في تصرفات بعض الخُطَّاب الذين تدفعهم الغيرة الزائدة إلى التنصت على مكالمات مخطوباتهم أو تفتيش مراسلاتهن الإلكترونية وأجهزتهن الخاصة، مما يؤدي في الغالب إلى توتر العلاقة وفشل الخطبة قبل إتمام الزواج.
وأوضحت الدار أن الأصل في مرحلة الخطبة أن تكون مبنية على الثقة التامة بين الطرفين، لأن الخاطب إنما يُقدِم على هذه الخطوة بعد أن يغلب على ظنه صلاح من اختارها لتكون زوجة له، مشيرةً إلى أن سوء الظن والتجسس ينافيان مقاصد الشريعة في الخطبة التي شرعت للتعارف والتفاهم لا للتنقيب عن العيوب.
وأضافت أن الممارسات التي وردت في السؤال تُعد سلوكًا عدوانيًّا مرفوضًا شرعًا وأخلاقًا، لأنها تتضمن اعتداءً على حرمة الآخرين وانتهاكًا لخصوصياتهم دون مبرر.
واستشهدت الفتوى بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12]. موضحة أن الآية الكريمة نهت المؤمنين عن الظن السيئ والتجسس لما يترتب عليه من إفساد للعلاقات بين الناس. كما استدلت بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا...» (رواه البخاري).
وبيّنت الدار أن التنصت على المكالمات أو الاطلاع على المراسلات الخاصة يدخل في باب التجسس المحرم، لما فيه من استماع إلى حديث قوم بغير رضاهم، وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك بالعقاب في قوله: «من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة» (رواه البخاري).
كما حذّرت من النظر في هواتف أو رسائل الآخرين دون إذنهم، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار» (رواه أبو داود).
وأكدت دار الإفتاء أن الخطبة ليست عقد زواج ولا تُبيح للخاطب سلطةً على مخطوبته، فلا يملك التجسس عليها أو مراقبتها بدعوى الغيرة أو الحرص، لأن ذلك مخالف للشرع ومفسد للعلاقة التي يُفترض أن تُبنى على المودة والثقة، مشيرةً إلى أن حتى الزوج لا يجوز له تتبع عورات أهله أو انتهاك خصوصيتهم بدعوى القوامة.
وختمت الدار فتواها بقولها إن التجسس والتتبع والتشكيك من أخطر الأسباب التي تُفسد العلاقات الإنسانية وتُهدد استقرار البيوت، داعيةً الخاطبين إلى إحسان الظن والتعاون على البر والتقوى، ومصارحة أحدهما الآخر عند ظهور أي شك بقصد النصح والإصلاح، لا الاتهام أو التجسس، ليكون ذلك أدعى لاستمرار المودة والاحترام بينهما إن قُدّر لهما الزواج.



