ما بين السنة والعادة.. كيف يحدد الفقهاء حكم حلق اللحية؟
اللحية من السنن الظاهرة التي ارتبطت بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وردت في شأنها نصوص كثيرة تحث على إعفائها وتجنب حلقها، مما جعل الفقهاء يختلفون في حكم حلقها بين التحريم والكراهة، وفقًا لاجتهاداتهم ومذاهبهم الفقهية.
بحسب رأي جمهور العلماء، ومنهم الحنفية والحنابلة وبعض المالكية، فإن حلق اللحية محرم شرعًا، ويُعد مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استدلوا على ذلك بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب" [رواه البخاري ومسلم]، واعتبروا أن الأمر في الحديث يدل على الوجوب، وأن حلقها يُعد تشبهًا بالمشركين ومخالفة للفطرة.
في المقابل، ذهب بعض العلماء من المالكية والشافعية، ومنهم القاضي عياض والشيخ شلتوت والشيخ سيد سابق، إلى أن حلق اللحية مكروه وليس محرمًا، واعتبروا أن الأمر في الحديث يُحمل على الاستحباب لا الوجوب.
وعللوا ذلك بأن اللحية من الأمور العادية وليست من العبادات، وأن إعفاءها سنة مؤكدة، ولكن لا يأثم من حلقها.
رأي دار الإفتاء
دار الإفتاء المصرية تبنّت الرأي القائل بأن اللحية من العادات، وليست من الأمور التعبدية، وأوضحت أن المسألة خلافية، ولا إنكار في مسائل الخلاف، وإنما الإنكار في المجمع على حرمته، وأكدت أن من حلق لحيته لا يُعد فاسقًا أو عاصيًا، ما دام فعله مبنيًا على اجتهاد معتبر أو تقليد لرأي فقهي معتمد.
ويعتبر حكم حلق اللحية يختلف باختلاف المذهب الفقهي، بين من يرى التحريم ومن يرى الكراهة، والأفضل للمسلم أن يحرص على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويُعفي لحيته امتثالًا للأمر النبوي، وتعظيمًا للسنة، خاصة إذا لم يكن هناك مانع شرعي أو اجتماعي معتبر، وفي حال الأخذ برأي الكراهة، يُستحب عدم الإنكار على من خالف، ما دام الأمر محل خلاف معتبر بين العلماء.
إزالة الشعر بالموسى أو الشفرة.. اعرف الحكم الشرعي لـ القزع وهل يأثم الحلاق
حكم القزع وصفاته من الأمور التي يتساءل عنها كثير من الشباب، خاصة وأن هناك بعض قصات الشعر التي تخرج وفق صيحات الموضة تتسبب في إشكالية شرعية فما هو حكم القزع ومتى نقول أن هذه من القزع؟
ما هو حكم القزع في الشرع.. وهل يأثم الحلاق؟
القزع مكروه، وهو حلق بعض الرأس (بالموسى أو الشفرة)، وترك بعضه، أو أن يحلق مواضع متفرقة من الرأس، أي يستعمل الموسى في حلق مواضع، ودليله ما رواه ابنِ عمر رضي الله عنهما: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْقَزَعِ)، قيل لنافع: ما القزع؟ قال: (يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وقد ذهب السادة الشافعية إلى أنّ النّهيَ في الحديث يحمل على الكراهة وليس على الحرمة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "يكره القزع، وهو حلق بعض الرأس؛ لحديث بن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَزَعِ)".

